سامي النصف

صرخة من امرأة حرة لرجال الكويت

بدعوة من الاخت سلوى السعيد وحركة «معك» حضرت في جمعية المحامين لقاء مؤثرا تطرق محاضروه ومنظموه لقانون منع المرأة من العمل بعد الساعة الـ 8 مساء غير المعمول به في العالم أجمع وهو ما يرد على من ذكروا أن نصوص ذلك القانون مستمدة من التشريعات الدولية.

وقد بين عريف الحفل د. علي الزعبي ان ذلك القانون مضر ومهين للمرأة الكويتية وان القرارات والتشريعات قد وضعت تعريفا لمواعيد العمل الليلي دون ان تحد أو تمنع النساء من العمل خلالها، كما ان بعض التشريعات الدولية راعت الشق الصحي للمرأة كونها تتعرض للحمل والولادة مما يؤثر على الأجيال القادمة فحدت من عملها في المناجم والمعادن.

الأخت الناشطة سلوى السعيد أوضحت ان القصد من القانون هو تقييد عمل المرأة، طبقا لمفهوم «خليك في البيت»، التي تمثل 40% من سوق العمل و70% من الخريجات وان القصد من القانون – حسب قولها – وضع سقف زجاجي لا يمكن للمرأة العاملة ان تخترقه، واستغربت الأخت سلوى أن تمنح الحكومة الاصلاحية القائمة للمرأة الكويتية حقها السياسي ثم تقيد للمرة الأولى في تاريخ الكويت حقوقها المدنية والاقتصادية بحجج واهية غير معمول بها في الدول الأخرى كالقول ان عملها يتسبب بزحمة الطرق وبطالة الشباب، علما أن مجموع العمالة الكويتية في القطاعين العام والخاص لا يتجاوز 17% من مجموع القوى العاملة في الدولة.

ثم أتت الصرخة المدوية من المحاضرة المحامية الفاضلة ليلى الراشد حيث ذكرت ان في مكتبها للمحاماة عشرات القضايا حول التعديات اللاأخلاقية والتحرشات التي تتعرض لها النساء في القطاع العام حيث يساوم بعض الوحوش البشرية النساء على العلاوات والترقيات وبدل اللجان، وقالت ان كثيرا من النساء اتجهن للقطاع الخاص حماية لشرفهن من تلك التعديات عبر فتح مكاتب محاماة وهندسة واستشارات وكوافيرات ومحلات ملابس نساء وخدمات أعراس وجميع تلك المهن تحوج النساء للعمل ليلا كي يوفرن لأنفسهن ولمن يساهمن في إعالتهن الرزق والعيش الشريف.

قالت الراشد ان القانون فتح الباب للاستثناءات وستأتي المساومة على الشرف أو استلام الأموال والرشاوى من خلال محاولة الحصول على تلك الاستثناءات من نساء ما تركن أعمالهن العامة أصلا إلا بعدا عنها، واضافت أن اغلاق باب العمل الشريف ليلا وتغليظ العقوبات على من يقوم به سيفتحان الباب واسعا بالمقابل للأعمال اللاشريفة وستمتلئ شقق الدعارة وأماكن الانحراف بالساقطات من ضحايا ذلك القانون الفريد، حيث ان منع العمل بعد الساعة الـ 8 مساء لن يشمل تلك المهن غير الشريفة.

وواضح ان هناك عشرات المهن كالطب والصحافة والطيران والجمارك والمكاتب المختلفة ومحلات بيع أغراض وملابس السيدات، التي يستحيل عملها ليلا دون نساء، وقد تناوب بعد ذلك جمع كبير من الحضور شمل د. سعد بن طفلة والمحامية نجلاء النقي ود. عبدالعزيز العنزي والمستشار أنور الرشيد والمحامي علي البغلي ممن أجمعوا على ضرورة رفض القيادة السياسية لذلك القانون المعطل والمتسبب بقطع أرزاق نصف المجتمع.

آخر محطة:
رأيت في ذلك اللقاء ان الحل «المؤسسي» لما نلحظه من اصدارات متلاحقة لقوانين متعارضة مع نصوص الدستور وروحه وخاصة ما يتعلق بالحريات والمساواة، يكمن في تعديلات توقظ المحكمة الدستورية من سباتها الطويل وتعطي للجميع حق التقاضي لديها مع اعطائها – وهذا الأهم – حق اسقاط أي تشريع يتعارض مع نصوص الدستور كحال دور المحكمة الدستورية العليا في الولايات المتحدة التي تسقط وتوقف العمل بأي تشريع يتعارض مع الدستور.

سعيد محمد سعيد

أنت سني… لو شيعي؟!

 

ربما كان بعض الصالحين المخلصين من أبناء هذه البلاد الطيبة يعتقدون فيما مضى من السنين، وخصوصا في الثمانينات أو التسعينات أو ربما في الألفية الجديدة… كانوا يعتقدون أن الطائفية والسؤال عن مذهب المرء أثناء تقدمه للعمل في سلك العسكرية، وتصنيف الناس وفقا للإنتماء الطائفي ستختفي في المقبل من السنوات، إذ العقول ستكبر، والوعي سيزداد، والعداوة ستنتهي… و… و… !

لكنهم – يا حبة عيني – ما كانوا يدرون بأن الأمور ستزداد سوءا، لأن تلك القلوب الصالحة المخلصة التي راودتها الفكرة، كانت صافية طيبة، وبعد ذلك، ازداد توزيع القلوب السيئة بملايين النسخ، وليس هناك من فكرة مفجعة أكثر من أن عباد الله، يعلمون أن التقوى هي مقياس القرب إلى الله تعالى، لكنهم، مع ذلك، يجدون الفعل الطائفي والممارسة الطائفية والتكفيرية والتفتيتية هي أقوم وأفضل من التقوى… وأن الانصياع لتوصيات مؤتمرات الخداع والفتنة من تحت الطاولات وفوقها هي أدسم وأوجب أن تتبع.

والآن… هل أنت سني أم شيعي؟

صحيح، لن يصل الأمر إلى أن يسألني الطبيب قبل أن يعالجني هذا السؤال، ولن أجد نفسي مضطرا إلى أن أجيب على سؤال مماثل إذا ذهبت لشراء «النخي والباجلة»، ولن أتورط في استجواب مباشر من جانب شخص يجلس بجانبي في السينما يسألني ويسألك عن مذهبنا، ولربما كانت المصيبة الكبرى هي أن أجد نفسي مرغما على إشهار مذهبي حين يدفعني العطش إلى دكان بقالة لشراء الماء، فلا يبيعني البائع قنينة ماء إلا بعد أن يتعرف على مذهبي… فإن كان مني وأنا منه باعني، وإن لم أكن كذلك اشتراني، وفي كلتا الحالتين، سيبيع ويشتري في الناس!

بالمناسبة، عاش اثنان من الزملاء أسبوعا كاملا في جو جميل أثناء حضورهما دورة تدريبية في إحدى الدول العربية… أحدهما من البحرين والآخر من المملكة العربية السعودية… أبلغني الأول أن الأمور سارت على ما يرام من أول يوم تعرفنا فيه مع بداية الدورة حتى اليوم قبل الأخير، عندما مدحني وشكر الله على هذه الصداقة، لكنه أقسم علي أن أجيب على سؤال واحد: «هل أنا سني أم شيعي»؟!

يا إخواني، لن أوجه خطابا من نوع الخطاب المعتاد الممل بشأن مكافحة الطائفية والدعوة إلى تقريب القلوب والنفوس، أو الحذر من مؤامرات الأعداء… لن أتحدث في هذا الموضوع، ولكنني أحذركم، وأولكم نفسي الجانية: لا تهملوا الراديتر أو تتركوا الإطار الاحتياطي معطوبا، ولا تنسوا غاز تبريد السيارة في هذا الصيف والأصياف المقبلة… فلربما وجدت نفسك ترتجف أمام الميكانيكي الذي يلوح بالـ «بيب سبانه» في وجهك وهو يصرخ: هل أنت سني أم شيعي… قل، ثكلتك أمك؟