سامي النصف

ضرورة الحفاظ على رموز الكويت

في زمن أصبحت فيه القدوة الحسنة عملة نادرة أجد لزاما على الجميع ان يحافظوا على رموزنا السياسية والاقتصادية والدينية والاجتماعية كونها أقرب لأعمدة الخيمة التي متى ما اهتزت اهتز معها الغطاء الذي يظللنا جميعا.

حُلت بإذن الله مشكلة الاخوة الأفاضل المهندسين الأرضيين بفضل جهود طيبة لأحد رموز البلد الكبار ممن ساهم بحكمته وتجرده في تقريب وجهات النظر، وقد أبى ذلك الرمز كعادة أهل الكويت ان يشار اليه في أي بيان يصدر من «الكويتية» أو جمعية الطيارين ومهندسي الطيران الكويتيين، مشكور وما قصرت.

كان محزنا ما خطه أحد مخضرمي السياسة الكويتية في كتاب ذكرياته بحق أحد رموز البلد اللامعين ونعني المرحوم الشيخ فهد السالم الذي كان وافر الثقافة والعلم بحكم دراسته في الجامعة الاميركية في بيروت، كما عرف عنه الحزم والكرم وحفظه لكرامة الكويتيين حيث كانــت له عطـــاءات ومواقـــف لا تنسى يذكرها من عاصروه وعملوا معه ومنهم العم الفاضل عبدالعزيز البحر، الرواية التي قيلت في كتاب ذكريات ذلك السياسي المخضرم لا يمكن حدوثها لسبب بسيط جدا وهو انها لو تمت كما ذكر وبوجود الشهود لسارت بها الركبان ولعلم بها القاصي والداني.

ومثل ذلك ما أتى في نفس كتاب الذكريات عن القصة المتواترة المعروفة منذ نصف قرن من ان الشيخ عبدالله السالم – رحمه الله – لم يرض ان يبت بنفسه في مشروع مد المياه من شط العرب فدعا 60 من رجال الكويت لاجتماع رأسه بنفسه في مدرسة صلاح الدين، ووصلوا بعد التشاور الى قرار سادته الحكمة وبعد النظر بل وحتى النظرة الاقتصادية والاستراتيجية الصحيحة، وهو تفضيل بناء محطات تقطير المياه على مد الأنابيب من الشط، وهو قرار منطقي متى ما علمنا التوجه القومي للكويتيين آنذاك المعادي لحكومة نوري السعيد التي تقدمت بالمشروع، ولنا ان نتصور ما كان سيحدث لو أخذ بخيار مياه الشط وحجم المعاناة والابتزاز والعطش الذي كنا سنتعرض له في عهد حكومات قاسم وصدام.

تلك القصة الجميلة المتواترة لرموز الكويت والتي يوجد عليها عشرات الشهود والدالة على ديموقراطية الحاكم وحكمة الشعب تحولت في كتاب الذكريات الى جهل أهل الكويت ممن فضلوا مد الأنابيب من العراق رغم كلفتها الباهظة وخطرها الأمني وكونها مشروطة بالحصول على جزيرتي وربة وبوبيان، ودلت كذلك على قمع الحاكم الذي استخدمهم «كممشة زفر» كما أتى في الكتاب، مرة أخرى لو كانت الرواية التي أتت في الكتاب صحيحة لسمع بها القاصي قبل الداني خاصـة في وجـــود 60 شاهدا عليها، اضافة الى ان وثائقها نشرت قبل مدة في الزميلة «القبس» تحت مسمى «60 شخصية كويتية ترفض شروط العراق» كما أوردها المؤرخ د. يعقوب الغنيم في كتابه «الكويت تواجه الأطماع».

وضمن عدم الدقة التاريخية التي سادت كتاب الذكريات السالف ذكره تمت الاشارة الى ان الشيخ عبدالله السالم كلف الشيخ يوسف القناعي بدعوة رجال الكويت لاجتماع مدرسة صلاح الدين الخاص بمد مياه شط العرب، بينما تظهر وثائق الزميلة «القبس» ود. يعقوب الغنيم ان الداعي كان الوالد المرحوم عبداللطيف النصف، ولنا رغبة حقيقية في ان يتم تصحيح الأخطاء التاريخية والحفاظ على الرموز في الطبعة القادمة للكتاب.

آخر محطة:
من الأمور المؤسفة جدا تعدي البعض في مجلس الأمة على رموز كويتية أعطت للبلد عطاء كبيرا ورحلت مخلفة وراءها السمعة الطيبة بين الناس، فسمعنا بالأمس التعدي على العم المرحوم جاسم الصقر وقبل الأمس على العم المرحوم عبدالعزيز الصرعاوي، والغريب ان يتم التعدي على الاثنين تحت قبة البرلمان الذي كانا عضوين فيه بحكم مناصبهما الوزارية والنيابية، وحرام حقا التعرض لرموز الكويت والواجب – إن أمكن – سن تشريع بمنع ذلك.

سعيد محمد سعيد

حايرة… والشوق بين «عيونش»!

 

بالنسبة لي شخصيا، كان الأسبوع الماضي أسبوعا شديد الحرارة، وليست الحرارة هنا حرارة الطقس فحسب، بل هي حرارة الحوادث والمفاجآت والمواقف، فمن اختفاء الطفل بدر إلى فتنة شريعتمداري إلى حوادث خليج توبلي ومكتشفاته النادرة من مخططات للبيع إلى نتائج «الحكم الصالح» وغيرها الكثير قد لا أتذكر جزئياته، وصولا إلى سيارة تقف أمامنا مباشرة – أنا وزميل لي – عند إشارة ضوئية، ليضحك زميلي فجأة ويشير إلى الزجاج الخلفي فأصاب أنا أيضا بحال من الضحك عندما قرأنا على زجاج السيارة عبارة أغنية مشهورة لمطرب عراقي مشهور لكنه كتبها باللهجة القروية البحرينية :«حايرة… والشوق بين عيونش».

يبدو أن ما يكتب على زجاج السيارات، وعلى رغم أنني لست من مؤيديه بسبب ما يثيره أحيانا من نعرات طائفية – يبدو أنه يزيل في بعض الأحيان احتقانا يرتفع من الأقدام إلى الرأس مرورا بالبلاعيم، ولأن زميلي أكمل دندنته مع الأغنية التي كان يحفظها عن ظهر قلب :« حايرة والشوق بين عيونش… خايفة تحبين ويلومونش…» لكن تغير ليغير معه كلمات الأغنية ويمثل أدوار الفنان الكوميدي علي مهنا حينما أكمل :«واقفة بوسط الدرب وأنا موداري.. ويش سوينه لك يا شريعتمداري.. خبصتنا.. خبصتنا والله خبصة… ترى والله أكيد ترى راسك بنقصه ».

في اعتقادي لو أننا تحولنا إلى استراحة فكاهية في نقاشاتنا الحامية اليومية اللامنتهية في هذا المجتمع الصغير المليء بالملفات الخطيرة والحساسة، لتمكنا من إزالة الكثير من الاحتقان، لكن المشكلة الكبرى التي أصبحت لصيقة بشعب البحرين هي أنه أثناء الحوار، أو قل ما يسمى بالحوار، يكره كل طرف الآخر! في الندوات والمحاضرات والنقاشات والحلقات الحوارية، تعودنا على سماع الكلمات الجاهزة الترحيبية والوصفية والعرفانية في الطرف الآخر واحترام الطرف الآخر وتقديرنا للطرف الآخر، لكن ما أن يبدأ الحوار حتى تكتشف صراحة، أن كل ما قيل عبارة عن كذب في كذب، فلا هذا يحترم ذاك والعكس صحيح.

(مو بس في الزرايب).. هذه مقولة زميل آخر حين يصف حوار البهائم، فبالنسبة له، لا يختلف الوضع، أثناء النقاش بين بني البشر والذي يتحول إلى حال من النزاع والفوضى والتشكيك وارتفاع الأصوات، فهذه الحال، لا تحدث فقط في مجتمع البهائم والحظائر، بل تحدث بين بعض أصناف البشر.

تلطيف الحوار، وتصفية القلوب لا يعني اطلاقا تحويل أي نقاش جاد إلى هزل… على العكس من ذلك، نتمنى أن تكون نقاشاتنا بقلوب صافية مرتاحة غير محتقنة، إذا أردنا أن تكون للنقاش فائدة.