سامي النصف

الطلبة ومجلس الأمة

كان الجهل يسود الكويت بل واقطار العالم العربي كافة لذا حلقت «هليلة» غير مسبوقة لدى الامم الاخرى عند ظهور نتائج الثانوية العامة وعليه لا ارى سببا واحدا لاستمرار ذلك التقليد البالي والاحتفال بتلك النتائج التي لا تعني شيئا، فعبر عقود من الزمن لم نجد ان من حازوا نسبة 99.9% «علمي» في السابق قد انجزوا شيئا ملحوظا بعد مرور عشرات السنين من تخرجهم، ولا اذكر ان احد المنجزين والمتفوقين في الحياة او في العلوم الانسانية قد ذكر قط انه كان من الحائزين لمثل تلك النسب التي يحتفى بالحاصلين عليها.

قد تكون للإخفاق اللاحق لمرحلة انتهاء الدراسة الثانوية من قبل الحاصلين على تلك العلامات التي يقارب بعضها حد الكمال، اسباب عدة منها ان نظامنا التعليمي قائم على الحفظ لا على الابداع، لذا فقد يتصدر الصفوف من يحفظ لا من يبدع، كذلك لا يوجد في مرحلة ما بعد الثانوية العامة ما يوجه العقول المتفوقة النادرة للتخصصات التي تتواءم مع تطلعاتها وميولها بل تساق في الاغلب من قبل الاهل او الوزارات المعنية الى تخصصات محددة فقط كالطب والهندسة، والتي قد لا تبدع بها.

لقد افترضنا ومازلنا، ان يتم الابتعاث للخارج بناء على الحصول على نسبة معينة في الثانوية لا على تخصصي الطب والهندسة فقط كما هو قائم وان يكون الابتعاث للدول المتقدمة حتى لا يقود الاعمى الاعمى، وواضح ان توجه تلك العقول لدراسة الاقتصاد في الجامعات العالمية العريقة اكثر فائدة وعائدا على بلد يشكل الاستثمار العائد الثاني لدخله، من التوجه لدراسة الطب على سبيل المثال دون رغبة من الطالب ما يؤدي الى فشله ابان الدراسة او بعدها.

ومما نقترحه كذلك ان تتبنى الشركات المساهمة المختلفة والبنوك اختيار مجموعات من الطلبة المتفوقين لإرسالهم لجامعات متقدمة في التخصص الذي تراه مناسبا بقصد التوظيف بعد التخرج او حتى لإثراء المجتمع بالتخصصات المختلفة التي قد لا ترسلها وزارة التربية، وفي هذا السياق نرى ان البعض من هذه العقول قد يكون اذكى واكثر قدرة من الادارات الحكومية في اختيار التخصصات المستقبلية له، فمن كان يتوقع في الوزارات المعنية قبل سنوات اهمية تخصصات مثل علوم الكمبيوتر او الهندسة الوراثية والجينات على الحياة المعاصرة؟

وما دمنا في مجال الطلبة وتكرر صدور تشريعات نكتشف في وقت لاحق خطأها او عدم فهمها بصورة صحيحة، وضمن حقيقة عدم وجود مختصين بالضـــــرورة في مجالات التشريع والمحاسبة وغيرهما ضمن الفريق المحيط بالنواب، فلماذا لا يتم العمل بما هو قائم في الكونغرس الاميركي بل وحتى البيت الابيض من استخدام نظام INTERSHIP اي الاستعانة بطلبة التخصصات المختلفة من حقوق واقتصاد وغيرهما للعمل كمتدربين مع النواب الافاضل وفي الادارات الحكومية المختلفة اثراء للعمل التنفيذي والتشريعي وافادة لأبنائنا الطلبة آملين من الجهات المختصة النظر في ذلك المقترح.

آخر محطة:
تكملة لمقال امس فاتنا القول اننا اصبحنا كذلك مركز العالم ومحيط الارض في عدد الشباب المصنف FRAGILE اي القطاع الشبابي الذي لا يسمح لأحد بالاقتراب منه كونه قابلا للكسر السريع والتهشيم عند اول كلمة صارمة او نسمة عابرة، لأنه تربى على العز والترف ولم يتعود على ظروف الحياة الصعبة والمتغيرة.