سامي النصف

الأزمات لا تصنع أوطاناً

العزاء الحار للكويت بفقيدها الكبير د.حمود عبدالله الرقبة، للفقــــيد الرحمة والمغفرة ولأهله وذويه الصبر والسلوان وانا لله وانا اليه راجعون.
 
لا يمكن اعتبار رئيس مجلس الامة او وزير الدولة لشؤون مجلس الامة نظارا او شيوخ حارة مهمتهم الحد من الممارسات الخارجة او منع الالفاظ الجارحة بين الفرقاء، سمعة بيت الشعب مرتبطة بشكل مباشر بحسن اداء العاملين تحت قبته ومدى التزامهم الطوعي بالمعايير الاخلاقية العالية والاعراف البرلمانية الراقية التي يتفقون ويلتزمون بها خاصة ان النصوص واللوائح لا تعطي الرئيس الباسم او الوزير الفاضل اي ادوات محددة للتعامل مع التجاوزات في اليوم او الغد او بعد الغد.

من الحلول التي طرحناها ضمن برنامج «صالح للنشر» الذي يعرض الليلة الساعة العاشرة ضرورة خلق دورات تعرفة للنواب الجدد تتضمن شرحا وافيا من قبل خبراء دستوريين لمواد الدستور وروحه ولوائحه الداخلية، ثم كيفية الوصول للاهداف الخيرة المرجوة منه، كذلك فأداء النواب سواء في البرلمان الكويتي او الكونغرس الأميركي مرتبط بشكل مباشر بأداء الفريق المحيط بكل نائب، لذا فالواجب ان يتضمن الفريق المحيط بالنواب اختصاصيين بالتشريع والاقتصاد والمحاسبة والاعلام… الخ.

السياسة في البدء والمنتهى هي فن طلب الممكن ومعها اتقان الوصول الى التسويات عند ظهور التباينات، نرجو أن نضع هذه القاعدة في الأذهان كلما هبت علينا رياح الخلاف والافتراق التي لا تتوقف للأسف غيومها عن المرور فوق بلدنا طوال أشهر العام، دون ذلك ستصبح هناك علوم سياسية تدرس في جامعات العالم أجمع وتطبق أصولها في برلماناتها، وعلم سياسة آخر خاص بنا في الكويت تصدق معه المقولة الخالدة القائلة «احنا دائما غير».

يقول نيوتن «إن لكل فعل رد فعل مساويا له في القوة ومضادا له في الاتجاه»، هذا المبدأ ينطبق تماما على العملية الإصلاحية القائمة في البلد والمكافحة للفساد في دهاليز اداراته، فكلما اشتدت الحملة على الفاسـدين قاموا بدورهم بالتصعيد عبر رفع العـــرائض والصحائف والمــظالم والتسريبات، نقول ان الدولة بسلطاتها الثلاث قد رفعت رايات الاصلاح عالية ولن يقبل أحد بكسر تلك الرايات المرفرفة التي يلتف حولها الشعب الكويتي قاطبـــة، لذا فلتدخل فئران الفساد لجحورها المظلمة قبل أن تدوسها أقدام النـــاس.

آخر محطة:
لو كان لي من الأمر شيء لوضعت اجهزة كاشفة للكذب في مكاتب المسؤولين في الدولة كي يقيـسوا بها مصداقية من يقدمون لهم الشـــكاوى والعرائض ودموعهم تجري كالأنهار الدافقة من الظلم، اراهن شخصيا ان تلك الأجهزة ستعلن استسلامها منذ الدقيقة الاولى لسماعها ما يدور وستعلن ان هناك حدودا للكذب في العالم، لذا لن تستطيع عداداتها المتطورة ان تقيس ما هو متفش، للأسف، لدينا من اسقف عالية للزيف والجور والخداع وعدم قول الحقيقة ولا حول ولا قوة إلا بالله.

سعيد محمد سعيد

لا حولَ ولا قوةَ إلاّ بالله العلي العظيم

 

لا أدري ما هي قصتي مع «الكوابيس المفزعة»! فهاهو كابوس آخر يفجر كل خلية في جسدي خوفا وفزعا وهلعا… فقد رأيت فيما يرى النائم – اللهم اجعله خيرا – أنني كنت أعمل ذات يوم في مكتبة كبيرة عامرة، كان يطلق عليها اسم «مكتبة التقارير المثيرة»، وكانت فعلا اسما على مسمى، ولابدّ من القول، إنني ترددت بادئ ذي بدء من العمل في هذه المكتبة، فليست لي قوة ولاقدرة على احتمال «تقرير مثير» واحد، فكيف يا (بعد عمري) أعمل في مكتبة كلها تقارير مثيرة!

وكان من جميل صنع الله في جميع أهل تلك البلاد، أن وقعت صاعقة على تلك المكتبة، وتطايرت التقارير وانكشف كل ما فيها، بعد أن هوت عروش تلك المكتبة، وتبين بعد ذلك، أن تلك الأوراق التي تتكدس على بعضها بعضا «بالملايين»، ويسيل حبرها أنهارا، ما هي إلا حاضنات لأخطر أنواع الفيروسات فتكا بالبشرية، فهناك فيروس «ط» القاتل، ومجموعة من فئة «ت» الجرثومية الفتاكة، وحاضنات أخرى لا مثيل لها من المزارع البكتيرية التي تحوي بكتيريا (ف) و(ح) و(إق) بالإضافة الى الملايين من باعثات الأوبئة من فصيلة (د) وتوابعها، ولست أدري ما معني تلك الأحرف الفيروسية، لكن شاء الله أن يشرح للإيمان قلبي فعرفت أن تلك الأحرف تعني الآتي (ط: طائفية، ت: تخوين، ف: فساد، ح: حرمان، إق: إقصاء، و(د) وهو الأخطر وينتشر عادة في آخر المطاف، وهو يرمز إلى (دمار).

رأيت الناس أول الأمر تتقاتل مع بعضها بعضا، ويحلو للجار أن يشرب من دم جاره وعرضه وماله، وصارت السكاكين والخناجر وأسلحة أخرى، تظهر في أيدي بعضهم، حتى ظهر الفساد في البر والبحر، وخاف الراعي كما خافت الرعية، واضطربت القلوب، وحمى الوطيس، فجاءت رحمة الله، إذ تنبه الراعي الحكيم الوقور، إلى أن ما يحدث الآن وسيحدث غدا ليس من فعل مكتبة التقارير المثيرة، إنما هي من فعل من كون الحاضنات وباعثات الأوبئة في الأدراج وفي القلوب وفي العقول وفي كل مكان تنظر فيه عين وينبض فيه قلب، فبقبضة واحدة قوية، فالصاعقة كفت الناس في تلك المكتبة شر القتال، لكن الوالي، لم ينم لحظة مذ عرف الحقيقة، ولم يخف في الله لومة لائم، فاجتث كل من أراد بالأمة سوءا وأذاقهم نار الحامية.

استيقظت من النوم فزعا؛ لأقرأ فصلا مقلقا، لكن ذلك لم يكن في الحلم، بل في اليقظة، وسنتحدث عنه الخميس المقبل إن شاء الله.