سامي النصف

مع إيران وضد سياستها

احتك أهل الكويت منذ القدم بالإيرانيين ولم يجدوا منهم إلا كل خير، فهم كرماء انقياء مخلصون في عملهم لم يأت منهم ضرر قط داخل البلاد، لذا اعتاد اصحاب الحرف الايرانيون، لمعرفة حب الكويتيين لهم ولعملهم، ان يفصحوا عن جنسياتهم في اعلاناتهم عن الاعمال التي يقومون بها ترويجا لها، وهو امر حاولت بعض الجاليات الاخرى تقليده ففشلوا لخصوصية العلاقة التي تربط الكويتيين بالإيرانيين.

ومن المنظور الاستراتيجي البحت فكل خير وإنماء ورغد يصيب ايران وشعب ايران فيه دعم للاستقرار في المنطقة التي نتشارك جميعا بالعيش فيها، وبالمقابل فكل إفقار أو دمار لإيران، كنتيجة لمواقف غير مدروسة تتخذها لا يتم من خلالها حساب نتائج الاعمال التي تقوم بها، هو إضرار مباشر بالمنطقة وشعوبها ودولها.

اننا نرقب هذه الايام ما يحدث في ايران ونقول انه يكاد يتطابق مع ما كان يجري في الــعراق عــــامي 91 و2003، فهناك مواجهة على معطى اسلحة الدمار الشامل مع العالم وهناك تصـعيد من دولة صغــيرة لا تنظر لفارق موازين القوى الكاسح بين دول عظمى تملك احدث الاسلحة المدمرة في العالم تدعمها التقنيات المتطورة واقتصاديات الحرب، ودول صغرى تملك جيوشها ما هو اقرب لمتاحف السلاح بسبب القدم اضافة الى اقتصاد مدمر وتقنيات متخلفة.

وضمن تطابق الاحداث بين الامس واليوم ما سمعناه من تهديد ايراني للكويت والبحرين حول المشاركة في مناورات بحرية مع الدول الكبرى، وهو ما يعيد للأذهان تحذير صدام للكويت والإمارات من المشاركة في المناورات البحرية عام 90، كذلك فقد صرح الرئيس الايراني بانه يتلقى هذه الايام الوحي من السماء والذي رد عليه ببراعة زميلنا مشاري العدواني، وهو ما يعيد للأذهان كذلك ما ذكره سعد البزاز المستشار الاعلامي للرئيس العراقي في كتابه «الجنرالات آخر من يعلم» من ان صدام افصح لقيادة مجلس الثورة وللقيادات العسكرية، التي لم يستشرها في قراره احتلال الكويت، ان ذلك الاحتلال تم بوحي من السماء ومن ثم لم يجد بدا من القيام به.

ان الضربة العسكرية التي تعرض لها العراق قد تسببت في تفتيته الى ثلاث دول قائمة، كردية في الشمال وسنية في الغرب وشيعية في الجنوب، ولم يبق بعد التصفيات العرقية والطائفية التي نشهدها كل يوم إلا قطعة قماش تعمل كعلم لكل من تلك الدول الثلاث وموسيقار لإكمال السلام الجمهوري لكل منها، لقد احرق صدام حقول النفط في حرب عام 91 فتسبب في تسميم اجواء المنطقة، ونخشى ان تتسبب اي مواجهة عسكرية قادمة في تسميم مياه الخليج كنتيجة لتدمير المفاعل النووي الايراني.

ان ايران ينطبق عليها مسمى «العدو المثالي» في المصطلح الاستراتيجي الاميركي اي العدو شديد الاذى وشديد الضعف في الوقت ذاته، واي ضربة عسكرية ماحقة من قبل طائرات التحالف لإضعاف قوتها العسكرية سينتج عنها احتمال شديد بانشطار شبه القارة الايرانية، التي تحوي العديد من الاعراق والطوائف والقوميات الاخرى، كالآذاريين والكرد والعرب والبلوشي وغيرهم ممن لم يذوقوا منذ عقود طعم الراحة والاستقرار إما بسب طغيان الانظمة الشاهنشاهية في طهران او بسبب انشغال الحكومات اللاحقة في الحروب والازمات المتتالية، ان من لا يتعلم من اخطاء الآخرين سيتعلم بالقطع من اخطائه، فالحكمة الحكمة يا اخوتنا في ايران، والدين النصيحة.