سعيد محمد سعيد

لعبة الحظ

 

تسامر الصديقان الحميمان يتحدثان عن الحظ في الحياة، وكيف أن بعض الناس تعلو بهم حظوظهم، في حين يلاحق النحس آخرين فيذوقون مرارة الشقاء ولا يبتسم لهم الحظ أبداً، فيرفعون راية الاستسلام أمام قساوة الظروف حيناً، ويقررون ركوب الصعب حيناً آخر… وهكذا تمضي بهم الحياة!

اعتدل الآخر في جلسته وقال لصديقه: «بدأت فكرتي تتغير… ألم أخبرك بذلك؟ أصبحت الآن مقتنعاً بأن ليس الحظ هو الذي يجلب السعد والهناء… تبدلت فكرتي يا حبيبي… أنا اليوم مقتنع تمام الاقتناع بأن التوفيق من الله سبحانه وتعالى هو الذي يجب أن نؤمن به ونبتغيه، لا أن نجري وراء استقطاب الحظ».

أجابه الأول ملتمساً المزيد من التوضيح، قائلاً: «آه.. لقد تغيرت فكرتك اذاً! أنت الآن مواطن يبحث عن التوفيق من الخالق حتى يتمكن من العيش مرتاح البال، فلا يشغل باله بقائمة من الأقساط والالتزامات، ولا يحزن لتعطل معاملة في ادارة حكومية، ولا ينتظر واسطة تسرع طلبه الإسكاني… جميل جميل… علمني إذاً كيف استطيع أن أبحث عن التوفيق».

رمقه صديقه بنظرة عطف وقال له: «عش أنت وفي قلبك ثقة بالله، وستجد الخير الكثير… صدقني لقد فعلت وشعرت بالتغيير في حياتي… في الماضي كنت الهث وراء المسابقات في أكبر المحلات التجارية بحثاً عن كوبون سعيد الحظ لكي أفوز بسيارة بدلاً عن هذه السيارة (القرمبعة) التي صرت استحي منها، وصرت امسح البطاقات التي تخبئ الجوائز الثمينة… ولم أفز الا مرتين في حياتي: المرة الأولى حينما اشتريت علبة مشروبات غازية ووجدت فيها جائزة هي عبارة عن وجبة مجانية في أحد مطاعم الوجبات السريعة، والمرة الثانية عندما تناولت آيسكريم (بوخمسين فلس) ووجدت على العود عبارة مكتوب عليها: «آيسكريم مجاني»… حتى حينما امتلك بضع دنانير فإنني اشتري شهادات «بنكية» رغبة في الفوز بمبلغ جيد يغطي بعض الديون… كل تلك المحاولات باءت بالفشل ولكنني نجحت في اقناع نفسي بأن كل خطوة اخطوها يجب أن أكون فيها متكلاً على الله، ولكن مع نية العمل الجاد والمخلص».

شعر الاثنان بالسعادة، ولماذا يعيش الإنسان مهموماً حالماً بالكنوز والأموال والهناء من خلال كوبونات الشراء أو السحوبات أو البطاقات الرابحة، يكفي أن يقتنع بما كتب الله له ويسعى لتغيير حاله، وسيكون الله حتماً معه.

شعر الاثنان براحة نفسية فقررا قتل الوقت بالمشي في أحد المجمعات للترفيه عن النفس، وفي تلك الأثناء، وقف أحدهما يقرأ إعلاناً كتبت عليه عبارة: «قروض ميسرة واقساط مريحة لبناء بيت العمر والدراسة والزواج وشراء سيارة»… نظر الى صديقه وقال: «ساعدني رحم الله والديك واسندني، فإنني أكاد اسقط من ثقل الأقساط والقروض… ولكن صديقه وجد نفسه محتاجاً إلى من يسنده… كان الله في العون

سعيد محمد سعيد

أيضاً… أصدقائي الضباط!

 

لم أكن أتوقع أن يتبادل البعض، في مجموعات النت، عمود يوم الثلثاء المعنون بـ «أصدقائي الضباط»! حتى أن أحدهم أعاد ارساله إلي عبر بريد إلكتروني آخر يختلف عن بريدي الإلكتروني المدون أسفل هذا العمود.

لكن، ما الغريب في الأمر؟

أبداً، ليس ثمة ما يمكن أن نسميه غريباً، بل على الإطلاق من ذلك، كان بعض الإخوة الضباط ممن عهدنا منهم الاتصال والتجاوب والتفاعل يؤكدون محوراً رئيساً وهو أن المسئولية القانونية والأخلاقية والوطنية للضابط تجعله يتحرك في مساحة تحيط بها الكثير من الاعتبارات، وأن هذا النوع من التصرفات الشخصية – قطعاً – والتي كانت، أو لاتزال تصدر من بعض الضباط عبر استخدام مركزهم، ليست سوى حالات شاذة، أما الرسالة المهمة اليوم، فهي أن الضابط، وكذلك كل من يعمل في سلك الشرطة، أصبح يتعامل مع مفاهيم جديدة في العمل تقوم على أساس تقديم خدمة نوعية للمواطنين والمقيمين والتعامل مع الجميع سواسية أمام القانون.

الاتصالات كثيرة، والقصص التي وردت هي من قبيل الذكريات التي حدثت في الماضي بالنسبة للبعض، لكنه لم يتمكن من نسيانها لأن فيها جرحا للشعور ولكيانه كمواطن.. فهذا تعرض لموقف مع ضابط اهانه ومسح به الأرض! وذاك عاش حالا من القلق بسبب تقصد أحد الضباط أذيته كلما سنح له ذلك، وهناك شخص أصيب بحال نفسية عندما تعرض لأنواع من اللطمات على وجهه تفنن فيها أحد الضباط.

وبالمقابل، يتذكر البعض أن ضابطاً أعانه ووقف معه في قضيته، وآخر يشعر بمسئولية ذلك الضابط الذي قدم مثالاً للأخلاق والصبر والمشاعر الوطنية حيال قضيته، وثالث يتذكر كيف يتشدد بعض الضباط في منع أي انفلات طائفي… و… القصص كثيرة عموماً.

لكن النتيجة المهمة هنا، هي أن الغالبية من المتراسلين يعتقدون أن الوضع تغير كثيراً الى الأحسن، وأن مثل هذه التصرفات ما عادت تحدث الا قليلاً وان حدثت فإن هناك قنوات للاعتراض والتظلم يمكن أن تعيد لصاحب الحق حقه…

و… مشكورين

سعيد محمد سعيد

الجسر

 

على رغم أن دول مجلس التعاون مجتمعة، ينقصها الكثير لتحقيق الطموحات والآمال التي حملتها شعوب هذه المنطقة حتى قبل تشكيل مجلس دول التعاون في مطلع الثمانينات، إلا أن العلاقات الثنائية بين الدول ذاتها يمكن أن تمثل خروجاً عن المألوف من أجل اطلاق المشروعات وتحرير الأفكار ذات الانعكاسات الإيجابية على شعوب هذه الدول.

وفي الحقيقة، لا نريد أن ننكر أننا في حاجة الى تكتل قوي يجمع هذه الدول ويقويها، لكن لابد من الإشارة الى أن المرحلة السياسية ورياح التغيير التي لا تتوقف تلزم القفز على الكثير من الخلافات الظاهرة وغير الظاهرة بين دول المجلس، ولعلنا حين نتحدث عن جسر المحبة، بعد توقيع الاتفاق النهائي بين مملكة البحرين ودولة قطر، فإن ثمة تعبيرات كثيرة يمكن أن تؤخذ على سبيل المصطلح الحديث لعلاقات ذات منظور مغاير بين هذه الدول.

وكما فرح أهل البحرين وأهل السعودية وأهل الخليج كافة منذ ولادة فكرة إنشاء جسر الملك فهد حتى تنفيذها، كذلك تبدو الحالة بين الكثير من شعوب الخليج حال سماعهم عن مثل هذه المشروعات، واذا كانت اللجنة العليا المشتركة بين البحرين وقطر، يرسم مسارها وليا العهد في البلدين الشقيقين، هما من الشباب ويمثلان نظرة الشباب، فإن ذلك يتيح المجال لتخطي الكثير من الحواجز التي من شأنها أن تعرقل التحرك التنموي، ولاسيما على المستوى الاقتصادي.

هنا بيت القصيد… فما أردت قوله هو ان هذا الجسر، ليس مجرد مشروع بحري يربط بين بلدين وحوله عدد من المشروعات، بل الفكرة الأشمل هي مضاعفة العمل المشترك في مجال قراءة مستقبل الاقتصاد الخليجي والعالمي، فقطر تزخر بمشروعات ضخمة ومستقبل باهر، وكذلك البحرين، والمهم، أن يشعر المواطن الخليجي، وتحديداً في هاتين الدولتين، أن المشروعات بدأت تنعكس على حياته المعيشية، وسيأتي الحديث عن هذه النقطة مستقبلاً

سعيد محمد سعيد

أصدقائي الضباط! غريب والله هذا الأمر!

 

حتى اليوم، لايزال هناك بعض البشر الضعاف ممن يغطون النقص في حياتهم بتهديد خلق الله… والمشكلة، أن البلاد تغيرت والأمور تحولت واستبدلت وهم على حالهم وأفكارهم القديمة.. لم يتبدلوا!

وإلا كيف يهدد أحدهم (أو إحداهن) شخصاً ما، زميلا أو عابر سبيل أو قريبا، أو حتى شخصا غريبا بتعريضه للويل والثبور لأنه (لأنها) يعرف ضابطاً أو مسئولاً في النيابة أو… أو… من أصحاب النفوذ أو الكراسي المهمة!

حدث أن تشاجر اثنان في مجمع من المجمعات الشهيرة، ولأن الاثنين تجاوزا الثلاثين عاماً، فإن المصيبة تصبح أكبر حين تصغر العقول في هذا السن، لاسيما حين رفع أحدهما سبابته مهدداً الآخر بالقول: «أنت لا تعرف من أكون… اتصال واحد مع الضابط (فلان) وتروح في ستين داهية…»، ولنا أن نتخيل المشهد ببساطة… تشاجر اثنان أو اختلفا أو وقعت ملاسنة، وهذه أمور تحدث في كل العالم وبشكل يومي… تصوروا لو أن كل واحد هدد الآخر بضابط… أوليس في ذلك إهانة لأصدقائهم الضباط!

وفي مجتمعنا، نسمع مثل هذا الكلام وعلى شاكلة هذه التهديدات! وعلى رغم أن الضباط أنفسهم يدركون أن هناك من يستخدم معرفته بهم لتهديد الآخرين، فإنهم يستندون أول ما يستندون على القانون… ثم من قال ان الضابط الذي أوسعك ضرباً قبل سنوات بسبب رغبة أحد المتسلقين (أو إحدى المتسلقات)… هو ذاته الضابط اليوم! لو نبصر يا جماعة الى وزارة الداخلية عن قرب، فسنرى مشاهد جميلة والفضل لله ولوزيرها والكوادر البحرينية القيادية فيها.

إن تهديد المواطنين بالضباط أو بمسئولين في النيابة أو حتى بعزرائيل (ع) هو أمر لا يرضي الله… ورحم الله امرءا عرف قدر نفسه

سعيد محمد سعيد

أزمة في الخليج

 

العمالة الوافدة ستشكل أزمة معقدة جداً في المستقبل القريب، والسبب هو الممارسات التي يقوم بها الخليجيون من أرباب الأعمال… هذه المسألة توجب الحيطة والحذر، وبلغة مباشرة: التوقف عن ممارسات التعذيب والاستحقار والعنف ضد العمالة الوافدة.

ولسنا هنا في الطرف المدافع عن مجموعات تشكل خطورة أصلاً في المنطقة، لكن بيت القصيد هو سوء معاملة العمال الوافدين… نحن لا نتحدث الآن عن تشعيبات أخرى للقضية، فمنظمة «هيومان رايتس ووتش» بدأت تطالب دولاً خليجية بالقيام بخطواتٍ عاجلة لإنهاء الممارسات التعسفية بحق العمال ومنها التأخير أو الحرمان من الأجور وتشغيلهم في ظروف عمل وبيئات سيئة وإساءة معاملتهم وحرمانهم من حقوقهم كبشر!

وخلال السنوات العشرين الماضية، تزايد لجوء العمال الوافدين إلى القيام ببعض المطالبات وصلت إلى حد الاضطرابات والاحتجاجات في محاولةٍ منهم لتحسين شروط عملهم.

مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في «هيومن رايتس ووتش» سارة لي ويستون صرحت في بيان صحافي بأن «العمال في منطقة الخليج يستفيدون من فرص العمل المتوافرة، وخصوصاً أن شريحة كبيرة منهم تحلم بالعمل في تلك المنطقة التي تشهد نمواً اقتصادياً ومالياً متسارعاً، لكنهم يعاملون وكأنهم ليسوا بشراً. وليس من الغريب أن يتمرد بعض هؤلاء العمال احتجاجاً على ذلك؛ أما المفاجئ حقاً فهو أن الحكومات لا تحرك ساكناً لحل هذه المشكلة».

ولكن، ليست الحكومات هي وحدها المسئولة، فالمواطنون في الخليج متورطون كثيراً… أقصد المواطن العادي… فهذا الذي استخرج سجلاً تجارياً وراح يعبث بالتأشيرات ويتاجر فيها ويستقدم العمال باسمه وبأسماء غيره ثم يتزايد معدل الاستقدام دونما ضابط ويمتلئ الشارع الاجتماعي والتجاري والاقتصادي بالعمالة المتنوعة… ذلك المواطن يساهم أيضاً في رفع معدلات الخطر، والمشكلة الرئيسية هي أن الكثير من الناس يدركون تماماً المخاطر المترتبة على تزايد العمالة الوافدة في دول الخليج وتأثيراتها السلبية على تركيبة المجتمع، لكنهم يتحدثون فقط بلهجة واحدة: اتهام الحكومة تارة، واتهام العمال بالتمرد تارة أخرى.

قد لا نعاني في البحرين، مقارنة ببعض دول الخليج، من مشكلات كبيرة، لكن مشكلاتنا مع العمالة الوافدة طبقاً لتعداد السكان والمساحة كبيرة فعلاً… لكن المطلوب هو إعادة النظر في قوانين العمل بما يتوافق مع المعايير الدولية التي وضعتها منظمة العمل الدولية؛ وربما ستتيح الدراسات التي تأخذ مجراها حالياً هذا المطلب على أن تكون حماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد عائلاتهم من الأسس

سعيد محمد سعيد

وقفة ضمير

 

هذه الرسالة، وبعد أن نستميح القراء الأعزاء عذراً لنشرها، وصلت من الأخت المحرقاوية مريم حمد، تعقيباً على عمود نقطة نظام المنشور يوم الثلثاء الماضي تحت عنوان: «قضية ابن البلد» المرتبط بمحاكمة مالك بانوش الدانة عبدالله الكبيسي.

تقول الأخت مريم في رسالتها: قرأنا يوم الخميس الموافق للأول من يونيو/ حزيران التقرير الفني للجنة التي شكلت للتحقيق في أسباب غرق بانوش الدانة، وفي الحقيقة، أود الإشارة إلى أن التقرير كان بمثابة صدمة كبيرة للكثيرين لأنه لم يغط الحادثة من جميع جوانبها، وأود أن أثير نقطة واحدة تتعلق بادارة خفر السواحل التي اعطت مالك السفينة جميع التراخيص وأجازت له بالإبحار… والدليل على ذلك أن البانوش كان يمر على نقاط متعددة لخفر السواحل في أكثر من عشر رحلات نظمها منذ افتتاحه، بل كان يمر على نقطة خفر سواحل المحرق، فأين كانت الإدارة في تلك اللحظات!

هل كان البانوش بحجم النملة إذ لا يمكن رؤيته؟ لقد كان مضاءً بمصابيح كثيرة لافتة للنظر ولاسيما في الليل، إن كان الليل يستر حركته، فلماذا إذاً غضضتم البصر وتركتم البانوش (غير المرخص) يبحر في كل مرة من مرات تلك الرحلات؟

والآن، وبعد أن وقع الفأس في الرأس، أخليتم مسئوليتكم لتلقوا باللائمة كلها وبالأخطاء كلها على رأس المالك الذي هو ابن الوطن…

ماذا عن أولئك الأجانب الذين كان لهم (اليد الطولى) في إجبار الربان على الإبحار بكل تلك الحمولة؟ لماذا اعتبروا شهوداً ولم يتم اعتبارهم متهمين؟

اعتقد أن الوقت حان لوقفة ضمير، وهذا خطابي أوجهه للقاضي الكريم، فنحن لا نريد أن نلقي المسئولية من على كاهل المالك، ولكن لا يجب أن يتحمل هو وحده المسئولية… نأمل أن يكون الحكم منصفاً ونزيهاً ويحمل كل طرف مسئوليته».

انتهت رسالة الأخت مريم، لكن نريد تأكيد أن المحكمة الجنائية التي تنظر في القضية، تتعاطى مع ملفات متعددة للوقوف على الحقائق، والثقة كبيرة في قضائنا النزيه

سعيد محمد سعيد

الشكر لمن يستحقه

 

في الحقيقة، يعجز الإنسان عن توجيه الشكر إلى وزير ديوان رئاسة مجلس الوزراء الشيخ خالد بن عبدالله آل خليفة وإلى مدير مكتبه الأخ سعود العواد، فعلى رغم ثقل هموم وشكاوى وقضايا بعض المواطنين التي نلقيها في مكتبهما أحياناً، وبين فترة زمنية وأخرى… تطول أو تقصر… فإنهما بقيا على التعاون والاستجابة وسعة الصدر.

بعض الإخوة ليس لديهم سوى التعبير عن الاعتراض أو التذمر حين نشيد بجهود أحد المسئولين. حتى من دون أن يعرفوا لماذا؟ صحيح أن المسئول كلفته الدولة بهذه المسئولية لخدمة المواطن، إلا أنه «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» والفعل الحسن يستحق الثناء ولا مانع في ذلك… وفي الحقيقة، لا يمكننا كصحيفة يتوجه الينا أهل البحرين راغبين في نقل شكاواهم الى المسئولين إلا أن نقوم بالمهمة، واذا ما تحقق التجاوب، لا بد أن نشكر أهل المبادرة، مسئولين كانوا أم رجال أعمال أم مواطنين عاديين.

إذاً، لننتقل الى قضية المواطن راشد علي العطاوي الذي يريد من المسئولين في مؤسسة نقد البحرين وبنك الشامل النظر في مشكلته اذ انه متقاعد مدان للمصرف بقسط قدره ديناراً في حين أن راتبه التقاعدي لا يتجاوز ديناراً! ويواجه ظروفاً معيشية صعبة! اذ كيف سيعول أسرته بهذا الوضع، ويريد من المسئولين بالمصرف اعادة جدولة القرض لخفض القسط فهو مواطن محاصر بالالتزامات المعيشية وضعف الراتب التقاعدي، ومحاصر بالقسط الشهري.

أما المواطن «محمود» فهو عاتب على النيابة العامة وادارة السجل التجاري وعاتب أيضاً على الادارة العامة للهجرة والجوازات والجنسية والإقامة بسبب تشعب قضيته مع أطراف آخرين تتنوع بين الإهمال وانكار المسئولية وعدم اتخاذ قرار صريح بإرجاع حقه وهو ضائع لا يعرف الى من يتجه بعد أن أوقف نشاطه في الشحن بسبب تراكم الديون ووقوعه في مشكلات قانونية وادارية. ويريد من النيابة العامة وادارة السجل التجاري والهجرة إعادة النظر في قضيته… لكن هل يسمعه أحد؟

سعيد محمد سعيد

ليت كل المسئولين…

 

من أكثر الأفعال التي تصيب المواطنين بالإحباط والغضب والقهر، تلك الأبواب المغلقة التي يجلس خلفها بعض المسئولين ولا (يتنزلون) لمقابلة خلق الله من المواطنين والمقيمين المراجعين الذين تتعقد معاملاتهم وتتعطل وتتشعب، ولا يتطلب حلها سوى الالتقاء بذلك الجالس في برجه العاجي ليتحفهم بتوقيعه الكريم المبارك!

حينما تأتي إلى الصحف، وتقرأ التصريحات واللقاءات الصحافية، تجد نفسك أمام راحة نفسية عظيمة. فغداً ستطرق باب المسئول ليقابلك مرحباً ومعبراً عن سعادته بلقائك. وحين تشاهد الحوارات التلفزيونية، يصل بك الحماس من شدة الفرح والسرور إلى أن تقوم لتقبل شاشة التلفزيون وتهدي ذلك المسئول العظيم قبلات فوق جبينه تكريماً لهذه المواقف في سبيل خدمة الوطن.

لكن، إن كنت تريد أن ترى الخير، كل الخير… اذهب إلى مكتبه لتعبر له على أرض الواقع أنك تحترمه وكدت تقبل جبينه وأنت تشاهده في التلفاز ولست تريد سوى انجاز هذه (المعاملة) البسيطة… رحم الله والديك!

هل ستقف في ذلك الموقف؟، أم ستجد السكرتيرة ومساعدتها ومساعدة مساعدتها ورئيسها والفراش يحيطون بك ليقدموا أعذاراً مختلفة الألوان؟!

هذا الحديث دار بيني وبين أحد الأصدقاء بعد أن التقينا في حفل زفاف نجل وزير الداخلية قبل أيام. في تلك الليلة، كان من السهل عليك وأنت تصطف مع المهنئين أن تشاهد وجوهاً من كل أنحاء البحرين… من الزلاق مروراً بدار كليب وقرى الغربية والشمالية مروراً بمدينة حمد وانتهاءً عند الحد وعراد والبسيتين وسماهيج… وبأعداد هائلة صغاراً وكباراً! ترى، لو لم يكن ذلك الرجل (الوزير) أخاً لكل هؤلاء، هل كان سيدعوهم؟ وهل كانوا سيلبون الدعوة؟ ويبدو أن محبة الناس دفعتهم لمشاركة الوزير فرحته بزفاف نجله، وكذلك الحال بالنسبة لنا جميعاً، نريد أن نصبح مع المسئولين جميعهم قلباً وقالباً…

وإن جئنا للحق، فأهل البحرين، تنكسر في خدودهم وردة كما يقولون… فما ضر كبار المسئولين أن يكونوا إخوة وأصدقاء للمواطنين… أمر سهل، أليس كذلك؟

سعيد محمد سعيد

قضية «ابن البلد»

 

إذاً، قضية غرق بانوش الدانة أمام القضاء اليوم. وهي قضية «ابن البلد» عبدالله بن عيسى الكبيسي، كما يحلو للكثيرين تسميته… نعم، فهو ابن البلد، والقضاء قضاء البلد وبين ذينك الطرفين، علاقة وثيقة، والعلاقة الأوثق هي الثقة في القضاء البحريني النزيه العادل.

هذا ما يقوله أقرباء وأصدقاء الكبيسي والغالبية العظمى من المواطنين والمقيمين أيضاً. فبعد أن صدر تقرير اللجنة الفنية بما فيه من بنود طعن فيها الدفاع لوقوع أخطاء عدة لم تضع في الاعتبار جوانب كثيرة مهمة ومنها إبراز الشجاعة في توجيه الاتهام لأية جهة ثبت تورطها وخطؤها وتجريمها أيضاً…

إن الاكتفاء بتوجيه التهمة الأولى والكبرى والكلية لمالك البانوش، بتحريك شديد المهارة في الأوراق والمستندات، لا يمكن أن يعبر هكذا من دون تمحيص من قاضي المحكمة الجنائية الذي سيضع في اعتباره الكثير من الأسئلة التي تستوجب البحث عن إجابات.

لقد حزن الناس الى درجة البكاء حين وقعت الكارثة في تلك الأمسية التي هزت البلد، وفي الوقت ذاته، تعاطف الناس أيما تعاطف مع المالك بعد أن تابعوا وشاهدوا كيف تسير الأمور وكيف تتحرك الملفات، لكن الناس، كل الناس، يريدون معرفة الحقائق بكل شفافية. فتوجيه الاتهام الى المالك لوحده، في ظل وجود مؤشرات لمجموعة من الأخطاء المتراكمة والمرتبطة بأكثر من جهة هو أمر لا يمكن قبوله! وليكن على المالك، ما يتحمله من الخطأ، لكن أن يكون هو كبش الفداء الذي يجب أن يقدم مفرداً فذلك أمر تشوبه الكثير من المغالطات والإساءة للقضاء البحريني النزيه.

تساؤلات كثيرة وجدت طريقها للطرح منذ وقوع الكارثة، وهي في حد ذاتها تساؤلات ثقيلة لمأساة أثقل وجرت معها ثقلاً متعدداً من الاتهام لعدد من الأجهزة.. فكيف تصبح كل تلك الأثقال على الكبيسي… ابن البلد لوحده؟ القاضي هو الذي يمتلك الإجابة

سعيد محمد سعيد

الحرية الدينية!

 

آخر المؤتمرات العالمية التي عقدت في مجال حقوق الإنسان ومحاربة الإرهاب كانت في شهر يوليو/ تموز من العام الماضي في العاصمة النمسوية (فيينا)… هناك، ركز المشاركون يومئذ على أن المحافظة على الأمن ومكافحة الإرهاب نشاطات مشروعة، لكن الولايات المتحدة تؤمن بثبات أن احترام الحرية الدينية هو بمثابة مضاد حيوي للإرهاب، فتزعمت حملة لتأكيد مبدأ احترام الحرية الدينية، لكنها فشلت الى أبعد الحدود في إثبات أنها نفسها تستخدم وسائل مفرطة في قساوتها وبعيدة عن التروي ضد مواطنيها المسلمين وضد المقيمين فيها من اتباع هذا الدين.

المهم في الأمر، أن الدول المشاركة، اتفقت على أن الحرية الدينية هي حق وأن الأمن الوطني لا ينبغي أن يسخر كمبرر غير لائق لاختزال هذا الحق؛ وأن عليها – أي الدول المشاركة – أن تسمح للأفراد بالعبادة، بصورة فردية أو بالاشتراك مع الآخرين، وأن ينشروا معتقداتهم من خلال التربية، كما يجب السماح للطوائف الدينية ان تعمل بحرية من دون إشراف أو تدخل حكوميين كما يتعين أن تكون شروط تسجيل هذه الطوائف منصفة وغير شاقة.

ولم يغب عنها موضوع التواصل مع جماعات الأقليات الدينية والعمل معها لمحاربة الإرهاب، فيما ذكّرت الحكومات بأن عليها أن تتحاشى أي اجراءات من شأنها أن تضفي صوراً نمطية سلبية على الطوائف الدينية لاسيما عن طريق وسائل الإعلام الحكومية.

كان واضحاً امام الدول المشاركة، أن انتشار العقائد المتطرفة المتسترة وراء الدين وكذلك السياسات القمعية ضد المجموعات والطوائف الدينية سيؤدي الى إحداث خلل في السلم الاجتماعي، وهذا لا ينطبق عليها كدول أوروبية فحسب، بل هي توصية موجهة إلى كل دول العالم.

واذا جئنا الى منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي، لن نتعب كثيراً في اثبات أن هذه المنطقة متورطة حتى النخاع في ممارسات القمع والتأليب الطائفي ودعم التجزيء وهو عمل بانت آثاره السيئة منذ سنين على رغم أن الحكومات تداري العين وفي ذكاء سياسي، لكنه مفضوح