سعيد محمد سعيد

يريدون حقهم

 

من أكثر الأحاديث التي تسبب الكآبة للإنسان تلك المرتبطة بالشكوى من الظلم أياً كان شكله وموضعه وقصته! وما أكثرها عدداً وأشدها ضراوة بين الموظفين البحرينيين، في القطاعين الحكومي والخاص على حد سواء، وهو الأمر الذي يترتب عليه من دون شك، سوء الإنتاجية.

يقولون ان البحريني محب للعمل، وهذه مقولة شهيرة، لكن الأشهر منها ما يقال عن تردي الأوضاع في بعض القطاعات بسبب انتهاك حقوق الموظفين وحرمانهم من الترقيات والزيادات والعلاوات، فيتحول المنتج والنشيط والمبدع إلى موظف أوتوماتيكي، يؤدي مهمات وظيفته طبقاً لحدها الأدنى.

وحين ترصد حالات من ذلك النوع، لن تعييك الحيلة في تحديد أكثر الأسباب انتشاراً وهي غياب العلاقات الوطيدة في بيئة العمل بين الرؤساء والمرؤوسين بالإضافة إلى ممارسات التمييز والتفضيل من دون اعتبار لمبدأ تكافؤ الفرص مضافاً اليها غياب معايير التقييم التي تحفظ لكل موظف مجتهد حقه.

لكن هناك مشكلة أخرى، وهي عدم اهتمام الموظفين والموظفات وكذلك العمال بتثقيف أنفسهم في مجال قوانين العمل وأنظمته ولوائحه، وهذه نقطة مفصلية، إذ يتعرض البعض منهم لسلب الحقوق ولا يستطيع تحريك ساكن خوفاً من سطوة المسئول المباشر وانتقامه! ويحدث كثيراً أن يتقدم موظف ما بشكوى أو رسالة للمطالبة بحقه فيقع في شر أعماله ويواجه سوء العاقبة فتظلم الدنيا في وجهه ليتوجه إلى عمله مهموماً ويعود الى زوجته وأطفاله مهموماً وقلبه مليء بالخوف من المستقبل!

كثيرة هي الشكاوى التي ترد الى الصحافة من موظفين وموظفات وعمال تعرضوا لأسوأ أشكال التنكيل بسبب سوء تفاهم مع مسئوليهم أو لسبب خلاف بسيط – وطبيعي – وقع في وقت ما، ولا ندري عن الغاية من لجان التظلم التي تشكلت في معظم الوزارات والتي تتلقى خطابات واعتراضات الناس ثم تركنها في الأدراج أو تتعامل معها بأسلوب يزيد شقة الخلاف بدلاً من تصحيح الوضع.

ومع شديد الأسف، فإن مطالبة الموظفين والموظفات بتعديل أوضاعهم تعتبر جريمة في بعض القطاعات، وإذا ما اعترض عامل ما على سوء ظروف العمل فإنه يقابل بالتوبيخ لأنه يرفض العمل ويتكاسل ولا يقوم بعمله على أكمل وجه، وحين يتشجع قليلاً ويفتح فمه مطالباً بزيادة أو ترقية ويسعى لتحقيق أمله، فإنه إن لم يمن بالوعود الجميلة، فإنه حتماً سيعتبر عدواً لذوذاً إلى المدير العادل المنصف، إذ ان مطالبته بحقه تعني أن مديره غير عادل ولا يراقب الله فيما يعمل وفي هذا تشويه لسمعته الطيبة!

تزداد صعوبة الأمر حين تتعامل مع مسئول يعتقد أن ادارته أو قسمه أو المنشأة المسئول عنها هي ملك شخصي له يتحكم فيها كيفما يشاء ويصدر القرارات بحسب هواه ويقر ما يشاء من أنظمة حتى وإن خالفت قوانين العمل! ومثل هؤلاء المسئولين ليسوا أهلاً لحمل الأمانة، لكن نأمل في أن يكون المسئولون في ديوان الخدمة المدنية وقسم العلاقات العمالية في وزارة العمل أكثر صرامة في التعامل مع أولئك الذين يتلاعبون بمصائر الموظفين ويحطمون في نفوس الموظفين الأكفاء كل مبادرة مبتكرة ونافعة، ويجعلونهم يقضون يوم عملهم في أسوأ حالات اليأس والتذمر