لا يمكن اعتبار الباحثين عن عمل مجرد مجموعة من «قوة العمل المعطلة» التي يجب تشغيلها في أي قطاع وفي أي وظيفة وتحت أي ظروف… إن من الأهمية بمكان النظر في أوضاع الكثير من الموظفين والعمال البحرينيين وغير البحرينيين في قطاعات ومنشآت متعددة تنعدم فيها أبسط حقوق هذا الإنسان في العمل.
إن انطلاق المشروع الوطني للتوظيف الذي يرعاه عاهل البلاد المفدى هو حدث مهم وكبير، وتظهر الأهمية في أن مشكلة البطالة التي عانى منها المجتمع البحريني كثيراً بدأت تأخذ شكلاً جديداً في السنوات الأخيرة، إذ أصبحت هذه الظاهرة تؤثر على الاستقرار الاجتماعي، وهي حال طبيعية حين يجد آلاف الناس… المواطنين، أنفسهم بلا مصدر للرزق! يذوقون الحرمان ومرارة ضيق ذات اليد يوماً بعد يوم، ثم هم كبشر، في حاجة إلى توفير متطلبات المعيشة من دون ريب، ما يجعل من أمر البطالة قنبلة خطيرة إن لم تنفجر في السابق، ستنفجر في المستقبل!
ولعل هذا المشروع، خضع لدراسة معمقة للغاية على ما يبدو، فبدأ مقنعاً ومستقطباً للكثير من الباحثين عن عمل… أو لنقل كما يقول المشرفون على المشروع «استقطاب العاطلين الجادين في البحث عن عمل»، وإن كنا نود أن ترفع هذه العبارة ليصبح الخطاب موجهاً جميع العاطلين حتى فئة «غير الراغبين في العمل» ممن يجب اقناعهم إعلامياً من خلال أجهزة الإعلام المتنوعة، واجتماعياً من خلال الخطب الدينية والمجالس واللقاءات المباشرة.
والدراسة المعمقة التي خضع لها المشروع أتاحت المجال لتصنيف العاطلين طبقاً لمؤهلاتهم وتحديد الرواتب والأجور وظروف العمل. ولعل النقطة الأخيرة هي ما تهمنا هنا، إذ يتطلب وضع الأيدي العاملة البحرينية والوافدة في بعض القطاعات إعادة نظر جراء الظروف القاسية وبيئة العمل غير القانونية التي يتعرض لها الكثير من العاملين والموظفين، ولاسيما تلك التي ترتبط بمزاجية القرارات والقوانين التي تطبقها المؤسسة مثلاً خلافاً لقانون العمل. إن ظروف العمل موضوع مهم ومتشعب، وسنعود للحديث عن تفاصيله مستقبلاً