سامي النصف

هل سيعلن الحوثيون الانتصار بعد الانكسار؟!

للانتصار في العالم أجمع تعريف معروف قائم على أن من ينجلي غبار الحروب عنه وهو مقتول أو مجندل أو مأسور يعتبر الطرف المهزوم، ومن ينجلي الغبار عنه وهو واقف وخسائره في حدودها الدنيا وقد فرض إرادته وحقق هدفه من الحرب ولقن خصمه الدرس القاسي يعتبر الطرف المنتصر، وظل هذا الأمر قائما عبر التاريخ حتى انتقلت الحروب من موطنها الأصلي في أوروبا إلى منطقتنا بعد النصف الأول من القرن الماضي.

***

وفي منطقتنا وعبر عمليات الكذب والزيف والخداع المقبولة من قبل الساسة والمفكرين والإعلاميين تحولت الهزائم المنكرة إلى انتصارات مبهرة بطريقة سهلة ومخادعة ابتدعها ويملك حقوقها الفكرية الاستاذ هيكل عندما حول هزيمتي حربي 1956 و1967 إلى انتصارين، ثم قلده غيره عبر وضع أهداف للحروب لم يقل بها العدو (لا يهم) ثم الادعاء بأن الخصم لم يحقق تلك الأهداف المدعاة ومن ثم يعتبر مهزوما (كذا)، وفي المقابل يعتبر الطرف المهزوم والمقتول والمدمر والمجندل رجاله منتصرا حسب تلك المعادلة الاقرب للكوميديا السوداء المبكية، وبالطبع ما دامت الهزيمة المفجعة اعتبرت انتصارا كبيرا فلا يمكن تعلم الدروس منها ومحاسبة المقصرين مما يمهد لتكرارها وهو ما يحدث دائما، وهل يمل أحد الانتصار حتى لو كان كاذبا؟!

***

إن عاصفة الحزم لن تستمر للأبد وهدفها المعلن واضح وسهل، وقد ذكر منذ اليوم الاول لبدء العمليات وهو ليس القضاء أو اقصاء الحوثيين حتى لا يدعي أحد ان الحملة قد فشلت في اهدافها ويعلن الانتصار ـ كالعادة ـ مع اليوم الأول لتوقفها القادم خلال أيام أو اسابيع، ان الهدف هو إعادة الحوثيين لطاولة المفاوضات التي قلبوها بغباء شديد على الآخرين فاستخدموا السلاح المحرم بين اشقاء الوطن الواحد لاحتلال العاصمة وسجن رئيس الدولة ورئيس الوزراء والوزراء وتهديد عدن، وهي أمور لو قبلت في اليمن لوجب قبولها في الدول العربية الأخرى، ومن ثم تحويلها إلى غابات متوحشة مدمرة المباني، مشردة الأطفال، نساؤها ثكالى وأرامل، فهل يرضى ـ غير أشد الأعداء ـ بهذا المصير؟!

***

آخر محطة:

نرجو ألا يتوقف الإعلام العربي عن ترديد أهداف حملة «عاصفة الحزم» فبعض شعوبنا لا يزيد أمد ذاكرتها عن سويعات أو أيام قليلة وتحتاج للتذكير الدائم، ودون ذلك سيدعي البعض الانتصار الباهر مغطيا على هزيمة نكراء كان هو المتسبب فيها، ومن ثم يمهد لزج ما تبقى من الاتباع الأبرياء في حرب جديدة خلال أعوام قليلة بدعوى.. تكرار الانتصار!

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *