سامي النصف

الحل الأذكى وليس الأمثل للمسألة السورية!

مع الأشهر الأولى للربيع العربي في سورية كتبنا آنذاك محذرين من أن مصير الرئيس بشار لن يكون كمصير زين العابدين أي الهرب ولا كمصير مبارك أي السجن ولا كمصير القذافي أي القتل بل سيبقى حاكما إما على كل سورية أو على أجزاء منها، في وقت كان فيه الرئيسان أوباما وأردوغان يهددان ويتوعدان بشار بالثبور وعظائم الأمور وانه لا مكان له في سورية ما شجع على انضمام مناطق أخرى للثورة بعد أن ظنوا ان الرئيسين المقتدرين سيرسلان قواتهما لإسقاطه، وفي يوليو 2012 كتبت ان «ستينغر هو الحل الوحيد للمسألة السورية» فصاروخ ستينغر هو الذي هزم الروس في أفغانستان ودون ذلك فالعين لا تقاوم المخرز، ودلالة عدم تزويد المعارضة المعتدلة بتلك الصواريخ هو عدم وجود رغبة حقيقية للقوى الدولية والإقليمية رغم كل ما يقال في إسقاط الرئيس الأسد وهو أمر يثبت مع كل يوم يمر.

***

ويتوافق ذلك مع حقيقة «عدم رغبة» الرئيس الأسد ومنذ اليوم الأول للأحداث في سورية أي فبراير 2011 – والتي مازال هناك خلاف حول من تسبب في بدئها أي أهالي درعا أم مخابرات النظام – في حكم كل سورية والذي تدل عليه بشكل لا لبس فيه البراميل المتفجرة وكم الدمار الذي تتسبب به في المناطق «غير المنتوي الاستمرار في حكمها» كونه يعلم أنه سيكون مسؤولا عن إعمارها وتعويض الضحايا من أهلها، إن مخطط النظام منذ البدء هو حكم مناطق مختارة من سورية بدعم قوى دولية وإقليمية مؤثرة، ويمكن لاستمرار طلب المعارضة بعزل الأسد أن يصب دون قصد في خدمة ذلك المخطط ومعه استمرار الحرب الأهلية والقتل والتهجير المصاحب لسنوات طويلة قادمة حتى لا يبقى حجر على حجر في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة.

***

وقد يكون الحل الأذكى وليس الأمثل بعد تكشف الحقائق واتفاق الأصدقاء والأعداء الدوليين على بقاء الأسد أن تسحب المعارضة السورية وداعموها العرب مطلب العزل الفوري للأسد مادامت المعارضة مازالت في موقف قوي يسمح لها بتحقيق الإنجازات في المفاوضات، فالزمن ليس في صالحها ومطالبها المتشددة لا تعكسها موازين القوى على الأرض، والأفضل أن تطالب بحل سياسي شامل دون شروط مسبقة على أن يبدأ بوقف فوري لإطلاق النار وعودة فورية للاجئين والمهجرين لبيوتهم ومعها إصدار عفو عام وإعطاء الرئيس بشار فترة زمنية يتفق عليها، يقوم خلالها بإصلاح وإعمار ما دمره بدعم من حلفائه الدوليين والإقليميين.

***

آخر محطة:
(1) للمعترضين على ذلك الحل الواقعي لا الحالم من الآمنين في أوطانهم والمنعمين في بيوتهم، نقول لا تكونوا كالدب الذي قتل صاحبه..

(2) أي مبادرة لا تطلب الرحيل الفوري للأسد ستقلب الطاولة وتكشف الحقائق التي أساسها وصلبها بقاء النزاع لعقود والانتهاء بتقسيم سورية وتأجيج النزاع الطائفي في المنطقة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *