فضيلة الجفال

مسرح العبث في الواقع السياسي ينطلق في بريطانيا

تتحول أوروبا إلى مشهد سياسي رئاسي نسائي واضح في مراحله الأخيرة. كذلك الأمر في المشهد السياسي الدولي، حيث يمتد المشهد إلى الولايات المتحدة من مناصب وزارية مهمة حتى إمكانية تحول المنصب الرئاسي إلى امرأة من خلال هيلاري كلينتون. وحاليا، فإن أكثر من 20 دولة في العالم لديها امرأة تحمل منصب رئيس حكومة وطنية. ويتوقع أن يتنامى عدد النساء القائدات بحلول عام 2017. كما تعود بريطانيا إلى مشهد المرأة القوية بعد مارجريت تاتشر، بعد أن أعلن رئيس الوزراء البريطاني المستقيل، ديفيد كاميرون، تولي تيريزا ماي رئاسة الحكومة. وتعد تيريزا ماي واحدة من أكثر الوزراء البريطانيين الذين تولوا لوقت طويل المسؤولية في منصب وزارة الداخلية في تاريخ بريطانيا. وتصدرت قائمة المرشحين لتزعم حزب المحافظين منذ الجولة الأولى، إلا أن ما شغل البريطانيين ـــ كما العالم ـــ عن فوز سيدتهم القوية والاقتصاد الحرج وأزمة البريكست، هو اختيار بوريس جونسون، عمدة لندن السابق، وزيرا للخارجية. جونسون الذي لم تعرف عنه الدبلوماسية في تاريخه، إلا اللسان السليط، حيث يسمى ترامب بريطانيا. جونسون، ينحدر من أصول تركية مسلمة، كان جده صحافيا تركيا انتقل في عشرينيات القرن الماضي إلى بريطانيا وغير اسمه إلى ويلفريد جونسون.

وليس الشكل وتسريحة الشعر والسلوكيات وحدها التي جمعت بين بوريس جونسون والمرشح الرئاسي الأمريكي دونالد ترامب، بل يجمع بينهما التشابه في كثير من المواقف في مختلف من القضايا، وهو مشهد سياسي دولي مثير يعيد إلى الأذهان فلسفة مسرح العبث في أوروبا القرن الماضي. وكما ترامب، عرف عن “بوريس” أفكاره اليمينية وتصريحاته المثيرة. ففي إحدى الحملات الانتخابية لحزبه ــــ المحافظين ــــ قال “إذا اخترتم مرشحا من حزب المحافظين، فإن زوجتك ستزداد حظوظها بامتلاك سيارة BMW, M3. وفاجأ الجمهور في 2012 عندما ظهر في دورة الألعاب الأولمبية في لندن معلقا في عربة نقل بالكابلات فوق حشد من الناس. وسبق أن فاز بمسابقة “أكثر قصيدة مهينة لأردوغان”، التي رعتها مجلة Spectator as a rebuff التي كان نفسه يرأس تحريرها. والمسابقة جاءت بعد طلب أردوغان مقاضاة كوميدي ألماني كتب قصيدة بحقه. ولم يتردد في وصف الاتحاد الأوروبي الذي حارب لخروج بلاده منه، بأنه “يتصرف مثل الديكتاتور النازي أدولف هتلر في محاولته بناء دولة عظمى .. نابليون وهتلر وأشخاص كثيرون حاولوا فعل ذلك وانتهى الأمر بطريقة مأساوية”!.

كما قال مرة “أنا صهيوني متحمس وأدعم إسرائيل ومؤمن بحقها بالوجود ومنذ تطوعي بالكيبوتس، كعامل غسالة لتنظيف الملابس، صرت معجبا بها وما زال طعام الحمص من وقتها تحت أسناني”. ولا يجد بوريس مانعا أخلاقيا في استعادة العلاقات مع الأسد، ولا من عقد صداقة مع بوتين الذي قد يصبح صديق البريطانيين الجديد قريبا. في 27 آذار (مارس) نشر بوريس جونسون، وهو الصحافي السابق، مقالا في صحيفة “تلجراف” البريطانية، بعنوان “مرحى للأسد.. هو طاغية حقير لكنه أنقذ تدمر من داعش”. وكتب مقالا آخر، في “تلجراف”، في السادس من كانون الأول (ديسمبر) 2015، بعنوان: “لنتعامل مع الشيطان: علينا أن نعمل مع فلاديمير بوتين وبشار الأسد في سورية”.. نحن أمام متغيرات مثيرة في المشهد السياسي الدولي، متغيرات ليست أقل إثارة من مسرحية “في انتظار جودو” لساموئيل بيكيت.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

فضيلة الجفال

كاتبة وإعلامية سعودية
[email protected]
twitter: @fadilaaljaffal

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *