أ.د. محمد عبدالمحسن المقاطع

فرحة وطن

مع مرور ذكرى الاستقلال والتحرير نحتاج الى فرحة وطن، ولذا فلسنا بحاجة الى الطروحات العاطفية، بل إلى الحوارات الواقعية والجدية، فالموضوع هو مستقبل الوطن وحماية الأمة وحفظ النظام، وعليه فإنه لا خيار للجميع سوى طرح كل الأمور بصراحة وشفافية.
1- الناس يترقبون أن تقوم الأسرة الحاكمة بإعادة ترتيب ملفها، وحسم أحوال بعض الخلافات داخلها، وتطبيق القانون على بعض أبنائها، فقد صار الناس يتساءلون عما إذا كان في البلد قانونان، واحد للشعب وآخر للأسرة، وهو يبعث في النفوس تذمراً غير مرغوب، وقد استبشر الناس بما أعلن عن إجراءاته بحق بعض ابناء الأسرة، وما زالوا ينتظرون معرفة ما تم؟ وفي مواجهة من؟
2- القوى السياسية غائبة عن الساحة وأحداثها، فالمبادرة ليست لديها، والحراك العام هو طرف متأثر به وتابع لمجرياته، فصارت متفرجة على الحدث ومضطرة الى مجاراة مسارته بلا خيار ومن دون قرار، وهو ما يثير الشفقة على هذه التيارات التي تعيش الاحتضار السياسي، فحين يفتقد دورها، وتفلت الأمور من زمامها، وتتصدرها زعامات لا تعرف أن تحدد موقفها ولا ترتب أوراقها ولا صفوفها، يصير نعيها هو الكلمة المناسبة.
3- أما الشباب فهو يعيش وسط صراع هو ليس طرفاً في نشأته، وتجاذب هو غريب عن أجوائه وتصفية حسابات متراكمة هو بعيد عن أطرافها، وعوامل شحن مؤلمة لا تربطه بها أي صلة، وإخفاقات لأطراف العمل السياسي هو شاهد على تداعياتها، وعلى الرغم من كل ذلك انعكست آثارها عليه، وعاش معاناته بسبب تراكماتها، ووصل إلى إحباطاته وعطلت طاقاته، وقد تولد عن ذلك أن انطوت نفوسهم على رغبة في التمرد على الوضع، تلمساً منهم للأمل والمستقبل.
4- أما مسرح الحدث السياسي، فإن محركه الرئيسي أطراف لا تهتم إلا بشخوصها، فمنهم من انحدر بالبلد بسوء تقديراته أو يعيش رغبة الانتقام لفشله، أو يرغب بالفوضى بعد رفض المجتمع لخطابه، أو أنه أداة لمن يملك تحريكه، أو يحاول خلق بطولات تجاوزها الزمن، أو يسعى للكرسي مهما حاق بالوطن من اضرار لضيق أفقه، فاندفع مسعراً لحرب لا هوادة فيها، محرضا بفكرة الغاية تبرر الوسيلة، ولسان حاله لنطح بالقيم ولنهدم كل ما لزم.
5- لمستقبل الوطن ولحماية الأمة ولحفظ النظام، لابد من أن تتحرك عجلة الإصلاح في الأسرة بكل علانية، وبصورة تنهي من يدعي أنه فوق القانون ولا يمكن تنفيذه عليه، ولتستعد التيارات السياسية مبادرتها وتحكم أمورها، ولنعد للناس مكانتهم وتوازنهم ومسؤوليتهم الوطنية.
وليفتح الشباب حواراته البينية ليتحرر من إسقاطات الصراع وتراكمات الماضي وإخفاقات أطراف العملية السياسية، ويتخلص من صيرورته ضحية لبطولات الآخرين، حتى تنطلق طاقاته البناءة للقيام بدور ريادي بعيداً عن الإحباط وليحقق أحلامه المشروعة.
ولتبدأ أصابع الغيرة الوطنية توجه للمحرضين، والأصوات المخلصة تقرعهم، والأقلام الحرة تحاصرهم، والضمائر الحية تفضحهم. ولنصلح العملية الانتخابية والدوائر من الشوائب، التي أفرغتها من قيمتها. فلم يعد أمامنا خيار للمجاملة. ففوات الوقت يلحق بنا وبالوطن الدمار، وبهذا تتحقق فرحة الوطن.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *