عبدالله مطير الشريكة

«ولا تسرفوا»

هذا هو عنوان الحملة الوطنية التي انطلقت قبل أيام لتذكير الناس بخطورة الإسراف والتبذير وحرمتهما الشرعية ومالهما من آثار قبيحة في دين الناس ودنياهم.
(ولا تسرفوا) جزء من آية من كتاب الله – جل جلاله- وفيها هذا الأمر الرباني باجتناب الإسراف، والذي بين الله – جل جلاله- عاقبته الوخيمة فقال عز وجل: (إنه لا يحب المسرفين).

الأموال التي أنعم الله بها على الناس والدول تجب المحافظة عليها وحمايتها من الإسراف والتبذير والسرقات بصورها، فالناس لا يملكون حرية التصرف المطلق في هذه الأموال، بل يلزمهم لزوم الشرع فيها، فمثلا لو أن رجلا حرق أوراقا نقدية يملكها وقال: حلال وأنا حر فيه، لقلنا له إنك تأثم بفعلك هذا، بل قد تكون من إخوان الشيطان بهذه الفعلة التي تراها يسيرة، لأن الله – جل جلاله- يقول: (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين).

ويوم القيامة سيحاسب الإنسان عن أمواله كلها، من أين اكتسبتها؟ وفيم أنفقتها؟!

وحين انتشرت مؤخرا بعض مقاطع المتباهين بالسرف والتبذير وتبديد الأموال، قامت حملة في الشقيقة السعودية بعنوان «لا للإسراف والتبذير»، وقد قوبلت الحملة بسيل من الثناء، وقابله سيل آخر من الانتقاد، وهذا أمر معتاد، ينبغي أن تتسع له الصدور.

وحين انطلقت حملة «ولا تسرفوا» في الكويت قابلها سيلان مشابهان للحملة السعودية، مدحا وذما، ونقول فيهما ما قلناه سابقا: الصدور متسعة، شكرا لمن مدح، وشكرا لمن انتقد وقدح.

وهنا احب أن أنبه على أمور مهمة:

1- هذه الحملة حملة شرعية دعوية وطنية تطوعية، فكل المشاركين فيها من محاضرين ومعدين ومنسقين كلهم متطوعون، لم يطلبوا مقابلا على أعمالهم أثابهم الله.

2- حملة «ولا تسرفوا» لم ترصد لها أي ميزانية، ولم ينفق عليها فلس واحد، اللهم إلا أربعة بنرات تقريبا، حتى ان بعض المغردين الذين اشترطوا لمشاركتهم في الحملة مقابلا ماديا اعتذرنا منهم ومن مشاركاتهم، وكل ما يقال عن ميزانيات مرصودة للحملة فهي كلام لا أساس له من الصحة.

3- الحملة موجهة للحكومة والشعب على حد سواء، فقد صرحنا في المؤتمر الصحافي بأن الحملة تحمل عدة رسائل أولاها رسالة إلى الحكومة ومنسوبيها بضرورة وقف الهدر الحكومي والإسراف، وخطبة الجمعة والبرامج التلفزيونية والإذاعية كلها موجهة لكل فرد يعيش على هذه الأرض، سواء كان وزيرا، أو كان خفيرا.

4- خطبة الجمعة يسمعها الوزراء وسمو رئيسهم، والوكلاء، وكل القيادات، لأنهم جميعا يصلون الجمعة في مساجد عممت عليها نفس الخطبة، فتكون الرسالة قد وصلت للجميع بفضل الله.

5- دأبت «الأوقاف» على تعميم خطب الجمعة على الجوامع أسبوعيا ومنذ ما يزيد على العشر سنوات، فلا ضير أن نطلب منهم تعميم خطبة تحمل هذا الأمر الرباني (ولا تسرفوا)، وعتبي كبير على الإخوة الذين شنوا حربا على الخطبة قبل استماعهم إليها، فالحكم على الشيء فرع عن تصوره.

6- طالب بعض الإخوة بإقامة حملة بعنوان «لا تسرقوا» يقصدون بها توجيه رسالة للحكومة والشعب بحرمة السرقة من المال العام والخاص، وهي فكرة جيدة، لكن ما يخفى على الإخوة هو أن هذه الرسالة المقصودة بالتحذير من السرقة قد تم إرسالها كثيرا، من خلال خطب الجمعة، والبرامج، والمقالات، والتغريدات، وقد كان عنوان مقالتي السابقة «صور عصرية لأكل الحرام».

ذكرت فيها ما يتعلق باستغلال المناصب والتلاعب بالمناقصات.

هذه الحملة هي أولى حملات لجنة تطوير الخطاب الديني الإعلامي المشتركة بين «الإعلام» و«الأوقاف»، وستتبعها حملات بعون الله – جل جلاله.

والحمد لله رب العالمين.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *