عادل عبدالله القناعي

الخطاب الديني بين الواقع والخداع

جميل ورائع أن تسمع وتتعظ حين يتكلم إمام المسجد في صلاة الجمعة أو في إحدى المحاضرات عن أركان الإسلام ، وأهمية الصلاة والصيام والزكاة وأهمية الأخلاق والترابط وصلة الرحم وزيارة المريض وعدم الإسراف ، حتى وفي بعض الأحيان وصل الأمر لبعض أئمة المساجد أن يخوضوا في الحديث عن تمجيد الحكام ، وإطاعة أوامرهم ، والسير ورائهم حتى لو كان هؤلاء الحكام مجرمون ، وديكتاتوريون ، وقتلة ، ولكن ألا يعلم هؤلاء الأئمة ما يحدث ويحصل في عالمنا العربي ، أم إنهم مغيبون ، وفاقدون للوعي والإحساس ، ألا يعلموا بإن إنتكاسة وضياع بعض الدول العربية من نتيجة أفعال حكامها وقادتها ، فالأمة العربية تنهار وتئن وهؤلاء الأئمة يغيبون الناس ، ويصمتون ويغلقون آذانهم عن ما يحدث ويجري في أمتنا العربية ويتركون الحديث عن القضايا المحورية والأساسية التي تمس الشعوب الإسلامية ، ألا يعلموا بأن اليمن أصبح غير سعيد ، والعراق فرقته الحروب الأهلية ، وسوريا أهلكها النظام الأسدي والتنظيمات الإرهابية كداعش وحلفائها ، وليبيا أصبحت ممزقة والإرهاب بدأ يضرب عمقها الإستراتيجي ، وفلسطين ما زالت تعاني من إرهاب وجرائم مجرمي الكيان الصهيوني .
وبالمقابل نحن ضد من يجيش شباب الأمة العربية على منابر المساجد بإستخدام مصطلحات جهادية ثأرية تتوسطها منابع الفتن والطائفية البغضاء كالذهاب إلى الجهاد ومحاربة أعداء الأمة ، أو أن تستخدم المنابر لأصحاب الفكر المتطرف المنبوذين فكريا وإسلاميا ، وكذلك تحريض الشباب على العنف وزرع الأفكار الجهادية ، لأن هناك قوانين أمنية لابد أن يتبعها كل إنسان في بلده ، فالرقابة المعتدلة على المساجد لا تمنع توعية الناس عن ما يجري حولهم من قضايا تمس الأمة العربية والإسلامية ، بشرط أن لا تتعدى ضوابط الفكر الإسلامي المعتدل .
ونحن لا نريد أن يصل الأمر كما يحدث في بعض الدول العربية من رقابة أمنية متسلطة على المساجد ورجال الدين فاقت وتعدت معنى الإسلام المعتدل ، كإلغاء الإعتكاف في رمضان ، وعدم السماح بتجمعات صلاة العيد في الساحات ، وتقليص فترة خطبة الجمعة والصلوات المعتادة ، وتكميم أفواه بعض الخطباء ، وعدم السماح بإطالة اللحى ، حتى أصبحت دولنا العربية منبوذة دينيا وإسلاميا .
وأخيرا لا بد أن يكون الفكر الإسلامي المعتدل البعيد عن التطرف المبتذل ، هو الأساس والرسالة التوجيهية لتوعية مجتمعاتنا العربية والإسلامية من الإرهاب المسيس والمتسلط على كثير من رقاب شبابنا العربي ، فإذا لم يكن الأمن الوطني والعقائدي والسياسي الذي يهتم بأمر المسلمين من ضمن أولويات هؤلاء الأئمة ، فيا ترى متى سيتعظ هؤلاء الخطباء والأئمة إلى ما يجرى حولهم من مصائب وجرائم فاقت وتعدت كل معاني الرحمة والإنسانية !

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *