سامي النصف

«داعش» أخطر بكثير من إسرائيل!

إنشاء تنظيم داعش الارهابي اخطر واضر على العرب والمسلمين من انشاء اسرائيل التي لو سُلم ملفها منذ البدء لحكيم بيننا كحال مانديلا بدلا من تسليم امورها للثوريات عالية الاصوات مشبوهة الدوافع ومنعدمة الانجاز، لتم الوصول لتفاهمات تبقي الفلسطينيين في ارضهم ولربما يصبح بلدهم جنوب افريقيا الشرق الاوسط اي بلدا متقدما يضرب به المثل في التسامح بين الاديان والمذاهب، عموما نتج عن مأساة فلسطين عند حدوثها عام 1948 هجرة بضع مئات الآلاف من اللاجئين وخسارة اراض تقارب مساحتها 20 الف كلم2.

***

في المقابل، نتج في اقل من سنتين من الاعلان عن انشاء «داعش» تهجير عشرات الملايين من العراقيين والسوريين والليبيين والمصريين (في سيناء) وخسارة 3 اوطان عربية واراض مساحتها ملايين الكيلومترات، والارجح ان الملايين التي تسببت داعش في هجرتهم عبر عمليات توزيع الادوار الوحشية بينها وبين من تدعي عداءهم لن يعودوا قط لتلك الاوطان التي تشهد وبسبب داعش عمليات تطهير وابادة عرقية ودينية ومذهبية وبأشكال لم تقم بها اسرائيل مثل رمي البراميل المتفجرة على المدن والتجمعات السكانية، وتوحدت خلالها قوى العالم الشرقية والغربية في قصف المدن والقرى التي سيطرت عليها داعش في عمليات عسكرية مريبة سلم خلالها العدو الاراضي والمدن والقرى والمحافظات لها بشكل مشبوه ليتم تسويتها بالارض ولتحتاج الى مبالغ تريليونية فقط لاعادتها الى ما كانت عليه، متذكرين ان اسرائيل اوقفت الحرب بعد 5 ايام من انتصارها الكاسح عام 1967 ولم تستخدم طيرانها الذي كان يصول ويجول في السماء العربية لتدمير العواصم والمدن العربية.

***

ولم يعرف عن اسرائيل ابان احتلالها لسيناء حرقها لنفط او غاز مصر (قام بذلك الفعل الشائن صدام مع نفط الكويت عام 1991 والعراق 2003)، بينما تتعمد داعش حرق آبار النفط العراقي والسوري والليبي وهي ثروة عربية ومسلمة ناضبة وما لا تحرقه تبيعه بأسعار التراب في الاسواق، واذا كانت اسرائيل قمة في التقدم العلمي كما يمنع دستورها عمليات الاعدام، فإن داعش قمة في الجهل والتخلف والوحشية، كما تتفنن في عمليات ازهاق ارواح الابرياء من المسلمين امام الكاميرات من قطع رقاب الى التفجير بهم وحرقهم واغراقهم بالمياه ورميهم من شاهق، فهل فعلت العدوة اسرائيل حتى جزءا من تلك الجرائم الشنعاء؟!

***

آخر محطة: بعض الفروق الاساسية الاخرى بين اسرائيل وداعش والتي لا تصب لصالح الاخيرة:

(1) حروب اسرائيل وحدت العرب حتى قامت وحدة فعلية عام 1958 بين مصر وسورية تحت راية تحرير فلسطين بينما تسببت حروب داعش بتشتيت العرب وتقسيم بلدانهم دون عودة مثل سورية والعراق وليبيا.. والبقية على الطريق!

(2) تجاوزات اسرائيل تحسب ضد اسرائيل وتكسبنا تعاطف العالم بينما تتسبب تجاوزات داعش بكراهية شعوب العالم لنا وقبول ضمائرهم لما يحدث من قتل وتهجير بحقنا.

(3) حروب اسرائيل والعرب نصف ضحاياها عرب، اما حروب داعش فجميع ضحاياها عرب.

(4) تاريخيا.. تسببت تعديات اسرائيل باصطفاف الاتحاد السوفييتي والمعسكر الشرقي ودول آسيا واغلب العالم معنا، بينما تسببت تعديات داعش باصطفاف الشرق والغرب واصدقائنا التاريخيين ضدنا.. وهذا غيض من فيض!

(5) أخيرا، لم تتسبب اسرائيل وحروبها بسفك دماء العراقيين والخليجيين والليبيين والمغاربة بينما تسببت داعش بسفك دماء كل هؤلاء، لذا فداعش اخطر بكثير من اسرائيل وهي المرشحة ـ لا اسرائيل ـ لتفتيت وتقسيم والقضاء على العرب ودولهم ومعهم الاسلام.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *