فؤاد الهاشم

«الشهبانو» ورحلة .. الحمص والعدس!!

قرأت مذكرات «فرح بهلوي»- الشهيرة «بالشهبانو»- امبراطورة إيران السابقة وأرملة «الشاهنشاه آريامهر محمد رضا بهلوي» آخر أباطرة أسرة «قورش» التي انتهت بوصول «آية الله روح الله الخميني» إلمطار «مهرباد» في طهران العام 1979! وبالمناسبة فقد روت صحافية فرنسية كانت ترافق «الخميني» في طائرة الخطوط الجوية الفرنسية «التي نقلت الزعيم الديني من مقر إقامته في «نوفيل-لوشاتو» بإحدى ضواحي باريس إلى إيران أنها وجدت رجل الدين الكبير «آية الله شريعتمداري» في استقبال الزعيم في المطار فسألته: «هل تعتقد بأن الخميني – الذي أطاح بملك الملوك شاه إيران.. هو المهدي المنتظر المذكور في كتبكم»؟ فابتسم «شريعتمداري»، وقال: «كتبنا – يا عزيزتي – لم تذكر لنا أن المهدي المنتظر – عجل الله فرجه- سيصل إلى إيران على متن الاير- فرانس»!! تقول «فرح ديبا بهلوي» في مذكراتها «صفحة 11»: كان يتوافد علي القصر طوفان لا ينتهي من الجنرالات والساسة وأساتذة الجامعات ، وقليل من رجال الدين لتقديم اقتراحاتهم إلى زوجي من أجل إخماد الثورة، البعض يتبنى حلا سياسيًا سلميًا، وآخرون يتوسلون إليه أن يسمح للجيش بإطلاق النار، فيرد عليهم الإمبراطور بثبات: إن العاهل ليس بوسعه أن ينقذ عرشه إذا كان الثمن هو دم مواطنيه، الديكتاتور يستطيع ذلك وليس العاهل، ثم يصرفهم بحزم!! تروي الشهبانو تفاصيل اللحظات الأخيرة والأسرة الإمبراطورية في المطار تستعد لرحلة ذهاب بلا عودة وكيف إن عددا من الضباط والطيارين كانوا يبكون ويقبلون يد الشاه، وتكمل قصتها قائلة: «حين دلفنا إلى الطائرة أخيرًا، يتبعنا بضعة أفراد طلبوا مرافقتنا من بينهم الأمير أصلان أفشار رئيس قسم المراسم وقمبيز عتابي الذي خدم والده ابوالفتح عتابي كلا من أحمد شاه ورضا شاه، فضلا عن الكولونيل كيومرز جهانبيني، ويزدان نويسي ومعهما بعض ضباط الصف من الحرس وفي اللحظة الأخيرة سألت الدكتورة ليوسابيرنا طبيبة الأطفال المسؤولة عن أطفالي الأربعة عما إذا كانت تود أن تصحبنا في هذه الرحلة الأخيرة فردت فورًا بالإيجاب وجاءت بحقيبة ملابس واحدة تاركة خلفها أسرتها، وأخيرا جاء الطاهي الخاص بنا الذي كان يحمل إحساسًا بأنه قد لا يرى إيران ولا يرى مطبخه.. قبل شهور عديدة وقد أحضر معه مجموعته الكاملة من القدور النحاسية الغالية وحقائب مليئة بالحمص والأرز والعدس»!! كتاب مذكرات تلك السيدة الإيرانية الجميلة يحتوي على اكثر من 350 صفحة من القطع المتوسط وبه مزيج من التفاصيل المليئة بالعبر والعظات والدروس والدموع والابتسامات.. وأضف ما شئت من المفردات التي تجدها في «لسان العرب» لابن منظور… ولن يكفيها أيضا!! في مساء الأول من فبراير عام 1979 عنونت الصحف الإيرانية على صدر صفحاتها الأولى قائلة: «وصل الإمام» في إشارة إلى موعد وصول «الخميني» الى طهران بادئا ثورة «المستضعفين» ومفتتحا طوابير «المستشهدين»!! وفي مساء الأول من فبراير من العام 1980، احتجت لشراء خزانة ملابس رخيصة لخادمة مصرية جديدة في منزلنا – وقبل أن يصدر الرئيس الراحل أنور السادات – قراره التاريخي «بمنع سفر المصريات للعمل كخادمات في دول الخليج»، فتوجهت إلى «شارع تونس» بمنطقة حولي والتي تمتلئ بمحلات الأثاث الصيني والكوري والبلغاري والبولندي..إلى آخره!

 

دخلت الى أحد هذه المحلات فاستقبلني البائع الذي كان يتكلم العربية بلهجة مكسرة تغلب عليها «اللكنة الفارسية» ، كان يرتدي بدله كاملة على غير عادة البائع في ذلك الشارع الذي يمتلئ بعماله هامشيه وبسيطة بعضهم يداوم بملابس لم تدخل مصبغة منذ حرب « داحس والغبراء» فسألته :« من أين أنت»؟ فقال:«ايراني»!قلت أعرف ذلك لكن ماذا كنت تعمل في إيران قبل القدوم إلى الكويت «؟! فتردد قليلا وكأنه اعتقد أنني من عناصر الثورة الإيرانية» التي تلاحق أبناء «العهد البائد» وبعد أن اطمأن قال لي انه «المسؤول عن التشريفات في القصر الصيفي لشاه إيران في شمران»!! ثم استرسل في حديثه وشرح لي كيف اضطر إلى الهروب مع زوجته وابنته على ظهور البغال عبر الجبال حتى وصل إلى الحدود التركية ومنها دخل الى « اربيل» في شمال العراق واستقر فيها لبضعة أشهر قبل أن يحصل على تأشيره عمل للكويت!! الراحل «آية الله شريعتمداري» كان على حق حين قال إن كتب الثراث الشيعي لم تشر إلى وصول «المهدي المنتظر »علي متن طائرة بوينج 707 ، لان المهدي- عجل الله فرجه/ سينشر العدل في الأرض بعد أن ملئت ظلما وجورا» وآية الله الخميني وثورته ملأت ارض إيران بالظلم والجور بعد أن كانت ممتلئة – أصلا- بالظلم والجور!!

 

***

آخر العمود:

تزوج جحا من امرأة قبيحة وأرادت أن تتدلل عليه فسألته في إغراء :«هل تغار علي؟ فلم يرد، فاعتقدت أن عدم رده بمعنى «نعم»، فقالت له:« أظهر لمن؟ واختبئ عمن؟ فقال لها – وهو يدير ظهره – « اظهري للكل و.. اختبئي عني»!!

آخر كلمة:

***

يقول أبوفراس الحمداني :

تهون علينا في المعالي نفوسنا … ومن خطب الحسناء لم يغله..المهر!!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *