سامي النصف

جسورنا المهترئة العتيقة!

من السهولة بمكان رؤية الفارق الكبير بين الإسلام السني التركي المطبق في أنقرة وما تميز به من تقدم صناعي ورقي علمي وإنجاز سياسي، والإسلام السني العربي الذي حكم السودان فتسبب بالتخلف والفساد واستمرار الحروب الأهلية لعقود والذي أدى الى انفصال الجنوب، والحال كذلك في الفارق بين الإسلام الشيعي المطبق في إيران الذي يرتكز على الأخذ بعلوم العصر من نووي وخلافه والإسلام الشيعي المطبق في العراق والذي تفرغ قادته السياسيون للفساد والإثراء الشخصي والاتباع للمبالغة في ممارسة الشعائر طوال الوقت على حساب الإنجاز العلمي الدنيوي.

***

إن الفارق الرئيسي بين الإسلام العربي وغير العربي وضمن الأخير تجارب ماليزيا وإندونيسيا الناجحة، هو تخندقنا كمسلمين عرب وتمسكنا بالقديم دون تجديد او إبداع او تطوير والأمر للعلم ليس مقتصرا على الحركات الإسلامية المعاصرة بل يمتد حتى للحركات القومية الوحدوية العربية التي اقتصر مفهومها للوحدة على تجربتي صلاح الدين وبسمارك الماضويتين، اي منهاجية الغلبة والقسر كوسيلة للوحدة بدلا من التشرب بروح العصر والأخذ بمناهج الوحدة الحديثة كالفيدرالية والكونفيدرالية، والأمر كذلك مع الماركسية والاشتراكية واليسارية العربية التي تخندقت إبان حكمها للصومال وجنوب اليمن حول المفاهيم الستالينية القائمة على عبادة الفرد وتأميم حتى الإبل والمخابز والبقالات.

***

ان حل الاشكالات العقائدية والسياسية والاقتصادية والأمنية التي تعيشها أمتنا العربية يكمن بالتخلي عن الجسور القديمة المهترئة المعششة بالأدمغة والقابلة للانهيار والسقوط بمن يركبها ويؤمن بها الى الأعماق السحيقة، واستبدالها ببناء جسور فكرية فولاذية قوية قائمة على آخر ما توصلت اليه العلوم الإنسانية والروحانية الحديثة كي يمكن الوصول بأمتنا العربية الى المستقبل المشرق ومواكبة العصر واللحاق بسفن الأمم الأخرى التي سبقتنا وكادت ان تختفي خلف الأفق البعيد.

***

آخر محطة: أول ما يجب على الحركات الإسلامية والقومية والليبرالية واليسارية القيام به هو إحالة جميع مفكريهم ومنظريهم ومثقفيهم وساستهم وإعلامييهم للتقاعد والاستيداع للحد من ضررهم وكي يستمتعوا بالملايين التي جمعوها من خداع الأتباع، وان تستحضر أمتنا العربية شخصيات وأفكارا وعقولا تنويرية وإصلاحية جديدة مواكبة للعصر فإن لم تجد فعلى الأمة ان تدفن نفسها تحت رمال صحارينا الشاسعة!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *