سامي النصف

القوى الليبرالية تجتاح الانتخابات المصرية!

مصر هي بوصلة الشرق، فعندما أخذ النظام الملكي بعد عام 1923 بالديموقراطية الدستورية والحريات العامة والإعلامية تبعها العراق وسورية وليبيا، وعندما تحولت مصر بعد عام 1952 إلى النظام الثوري والتوجه لليسار والتحالف مع المعسكر الشرقي وتقديم القضايا القومية كالوحدة العربية وتحرير فلسطين على القضايا القطرية والمحلية، تبعتها كذلك بغداد ودمشق وصنعاء وطرابلس الغرب والخرطوم، ورفع الجميع شعارات العدالة الاجتماعية والاشتراكية والتصنيع الثقيل والإصلاح الزراعي، ولم ينجز من تلك الشعارات شيئا..

***

في لقاء ضمنا قبل أشهر بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ذكرنا له ان التجربة الوحيدة التي يمكن الاستفادة منها لاستشراف مستقبل العمل السياسي بمصر، هي التجربة الكويتية، كونها الوحيدة في التاريخ السياسي الإنساني التي تنشأ بها الحكومات دون أغلبية برلمانية، وهي تجربة لم تمر بها مصر قط في تاريخها، حيث كانت جميع حكومات العهد الملكي وبعده الجمهوري تحظى بأغلبية حزبية داعمة، وتظهر التجربة الكويتية الماضوية العراقيل القادمة لمصر في غياب وجود حزب أغلبية، وهو امر يحاول حزب «في حب مصر» بقيادة اللواء سامح سيف اليزل إصلاحه عبر خلق تحالف واسع داعم للنظام وللحكومة.

***

وقد التقيت قبل أسابيع في لندن بالسفير عمرو موسى رئيس اللجنة التي وضعت الدستور المصري الحالي، وقد سألته عن فلسفة الدستور وسر الصلاحيات الواسعة التي أعطيت للبرلمان، فقال: انهم قرروا خلق دستور يمنع صناعة فراعنة كما تم بعد عام 1952 ضمن الدساتير المؤقتة والدائمة السابقة، وان يكون القرار في مصر مشتركا بين القيادة السياسية وممثلي الشعب، وهو كلام جميل من الناحية النظرية إلا انه قد لا يساعد الدولة على الحراك السريع، لذا فالدستور صالح لمرة واحدة وسيتم تغييره في المجلس القادم الذي أجزم بأنه لن يتم سنواته المقررة، وسيتم حله بسبب المشاكل الاقتصادية والأزمات السياسية غير المسبوقة القادمة.

***

آخر محطة: (1) بشكل عام جرت العادة ان يتشدد ويتصلب ويقاطع الليبراليون والعلمانيون، ويستفيد في المقابل أصحاب التوجهات المحافظة والإسلامية من مرونتهم وبرغماتيتهم وتحالفاتهم مع القوى المختلفة للفوز بالانتخابات التشريعية وحتى الرئاسية.

(2) الانتخابات المصرية الحالية تغير بها الوضع تماما، فقد قاطع المحافظون والإسلاميون، فاجتاحت القوى الليبرالية الانتخابات، وكان من ضمن الفائزين بقايا الحزب الوطني وضمن الخاسرين مع القوى الدينية قوى اليسار!

(3) حصل المستقلون بالانتخابات المصرية على أكثر من نصف الأصوات، أي أكثر من مجموع الأحزاب التي تقدمت للانتخابات، كما حصلت النساء على 80 مقعدا، وهو عدد غير مسبوق، والحزب الوطني المنحل على 68 مقعدا والأقباط على 36 مقعدا، وجاء حزب المصريين الأحرار الذي أنشأه رجل الأعمال نجيب ساويرس بالمركز الأول، حيث حصد 64 مقعدا، وتلاه مستقبل وطن ثم حزب الوفد التاريخي بـ 35 مقعدا وحزب التجمع اليساري المعروف على مقعد واحد، ومثله الديموقراطي الناصري!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *