علي محمود خاجه

لا لاستضافة اللاجئين

أتفهم وأقدّر تلك المشاعر الإنسانية الخالصة التي جعلت عددا من المواطنين والناشطين يتداعون بصدق للمطالبة باستضافة اللاجئين السوريين الذين تحولت بلادهم لساحة بطش وقتل من مختلف الجبهات والجهات، وأحيي فيهم تلك المشاعر الإنسانية التي جعلتهم يبذلون جهداً كبيراً في نشر مطالباتهم، والسعي إلى إيصالها لأعلى الجهات، وعلى الرغم من كل التفهم والتقدير الذي أحمله لهم فإنني أختلف مع دعوتهم تلك وأتمنى ألا تتحقق.
طبعاً إن أسبابي لا تتعلق أبدا بهاجس أمني أو ما شابه ذلك، كما يبرر البعض رفضهم لاستضافة اللاجئين، فإن كان هناك قصور أمني فعلى من يعتقد ذلك أن يوجه سهامه إلى المتسببين بهذا القصور لا إلى اللاجئين، ولكنها (أي أسبابي) تتعلق بمصلحة هؤلاء اللاجئين قبل كل شيء دون غيرهم.
فأنا لا أتمنى أن يلجؤوا إلى أي بلد عربي على الإطلاق لمصلحة اللاجئين دون سواهم، فوجودهم في أي بلد عربي يعني الاضطهاد، والنظرة الدونية، وزوال كل فرص التميز والإبداع، وإرث كراهية غير محدود ولن ينتهي.
لأقدم لكم أحوالهم في الكويت إن تمت استضافتهم لتفهموا ما أقصد، ولنتكلم عن احتياجاتهم الأساسية أولا وعلى رأسها السكن والمأوى، وهو ما لن يحصلوا على حده الأدنى لعدم توافره، فإما العيش في خرائب أو تأجير مسكن لا يقل عن 200 دينار في أسوأ الأماكن، ولن تستطيع الدولة أن توفر لهم غير ذلك، لأنها لم تستطع إلى الآن أن توفر لمواطنيها مساكن.
أما الصحة فلن يجدوا طبيباً يعالجهم إلا بعد حين أو سريرا يتحمل أنينهم، فالمستشفيات لا تكاد تتحمل الموجودين في الكويت حاليا، وهناك من يدعو من الكويتيين إلى التمييز بينهم وبين غيرهم في العلاج أيضا، ويلقى هذا الرأي قبولا بين الكثيرين.
أما التعليم فنحن ولله الحمد والمنّة من أعلى الدول إنفاقا على التعليم، ومن أقل الدول مرتبة في مستوى التعليم حول العالم، فإن تم ضم اللاجئين إلى ركب التعليم العام الكويتي فستزدادون جهلا وتخلفا وتراجعا.
ناهيكم عن نظرة الكثير من الكويتيين للوافدين من آسيا وإفريقيا وأسلوب التعامل السيئ في كثير من الأحيان، وبالطبع فإنكم لن تتمكنوا من الإبداع هنا، فكل السبل مغلقة والعيون الضيقة ستلاحقكم حتى تتأكد أنكم ستفشلون.
لن تجدوا ما هو ناجح في الكويت وفي شتى بلاد العرب سوى التمييز والتفرقة، فالكويت سترون فيها التفرقة المذهبية ومحاولات وأد الآخر، وذلك البلد فيه التفرقة الدينية، وثالث فيه التفرقة الاجتماعية وهكذا.
ابحثوا عن مكان أفضل في دول العالم المتحضر، حيث ستنصهرون مع المجتمع هناك، فهذا ابن الكيني أصبح رئيسا لأميركا ونحن ننظر إلى مفردة ابن الكيني وكأنها شتيمة، وهذا ابن المهاجر السوري غيّر العالم بتفاحته (Apple)، وتلك وزيرة وآخر عميد جامعة وغيره نجم سينمائي، ولن يتحقق لكم أي من ذلك في بلاد العرب.
لمصلحتكم لا لاستضافتكم.

خارج نطاق التغطية:
جماعة “بوفهد” لن تتوقف ما لم يردعها قرار صلب.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *