سامي النصف

المبادرة الإيرانية والبراغماتية الخليجية!

في العراق ومنذ عقود، القاتل والمقتول عراقيان، وفي سورية القاتل والمقتول سوريان، وفي ليبيا القاتل والمقتول ليبيان، وفي مصر القاتل والمقتول مصريان، وفي الصومال القاتل والمقتول صوماليان، وفي اليمن القاتل والمقتول يمنيان، وجميع هؤلاء عرب، فهل حلت على الامة العربية في تاريخها الطويل كارثة مثل هذه؟!

***

واذا كان ما سبق هو حساب البشر القابل للتمدد لدول عربية اخرى مثل الجزائر، فإن حساب دمار الحجر لا يقل رعبا، فالارقام الاقتصادية الدولية تظهر ان سورية على سبيل المثال تحتاج الى 400 مليار دولار لإعادتها الى ما كانت عليه، اي ان ذلك المبلغ لن يضيف شيئا جديدا يستفيد منه الشعب السوري، ويمكن بالمثل حساب ما تحتاجه الدول العربية الاخرى التي ابتليت بربيع الدم والخراب العربي لاعادتها للحالة «البائسة» التي كانت عليها!

***

وما دمنا نحن كخليجيين وكعرب المتضرر الاول مما يحدث على ساحتنا الاقليمية فواجبنا ان نكون اول من يتقبل اي مبادرة اقليمية كالمبادرة الايرانية لإنهاء الصراع في دول المنطقة بعد ان ثبت ان المبادرات الدولية لا تنهي شيئا عدا انها تجمع القيادات المتحاربة على طاولة المباحثات لخلق العراقيل ومن ثم اطالة امد النزاعات (لم توقف المبادرات الدولية ومبعوثوها الحرب الاهلية اللبنانية التي امتدت لـ 15 عاما حتى اطفأت نارها المبادرة الاقليمية السعودية) ولا شك ان في عناصر المبادرة الايرانية ما يشجع، حيث تدعو لوقف فوري لاطلاق النار في سورية وتشكيل حكومة ائتلافية وتعديل الدستور واجراء انتخابات برلمانية!

***

آخر محطة: (1) منطقة الشرق الاوسط اقرب لسطح زجاج هش، فالطرق والشروخ والشقوق التي تحدث على سطحه ستمتد سريعا لباقي اطرافه ولن تكون الدول الاقليمية غير العربية كحال ايران وتركيا بعيدة عن وصول تلك الانشقاقات، خاصة انها تحتوي على نفس الفسيفساء الدينية والمذهبية والعرقية.

(2) من الضرورة بمكان ان يتبنى مجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية قيام مبادرة خليجية ـ عربيــة ـ ايرانية ـ تركية تغطـــي بشكـــل متـــواز الصراعــات في العراق وسورية وليبيا واليمن وحتى لبنان وفلسطـــين لانهــاء الاشكـــالات المــدمرة ولاطفــاء الحرائـــق قبـــل ان تمتـــد للجميـــع.

(3) رسالة من وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف التي اسماها «الجار ثم الدار» والتي تضمنت اقتراحا بتشكيل مجمع للحوار الاقليمي تستحق ان ترد عليها الامانة العامة لمجلس التعاون بعد التشاور مع الاعضاء برسالة عنوانها «ان تحب لاخيك ما تحب لنفسك»، وان تقترح خلالها انشاء مجلس حكماء يضم الدول المطلة على حوض الخليج كدول مجلس التعاون الست وايران والعراق للنظر في المشاكل التي تعاني منها دوله ومحاولة ايجاد حلول لها، وبذا يتم رد التحية بأحسن منها.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *