حسن العيسى

يبقى الأمل في التغيير

بالنسبة لدول الخليج يمكن تصور أن نقطة التشاؤم الوحيدة في اتفاق 5 زائد 1 مع إيران هي أسعار النفط، فالأسواق متخمة ودخول النفط الإيراني بكل الطاقة الإنتاجية للجمهورية الإيرانية، وهذا لن يكون قريباً، سيعني آخر الأمر المزيد من تدهور أسعار النفط، ولو كانت دولنا قد حسبت حساب مثل هذا اليوم، بأن نوعت مصادر دخولها واستثمرت في الإنسان بنوعية تعليمه وتفكيره، واجتهدت بالعمل الإنساني المنتج، بدلاً من الاستهلاك والتواكل الريعيين، وهذا لم يحدث، وعوضاً عن ذلك فقد استثمرت في احتكار السلطة وقمع المعارضة السلمية، وضخت أموالاً من غير حدود لشراء الولاءات في الداخل والخارج، فحتى هذا الخطر، أي تدهور أوضاعنا الاقتصادية، ما كان ممكناً أن نتصوره.
غير ما سبق، فالاتفاق النووي سيكون لمصلحة دول الخليج، فإيران لن تنفتح اقتصادياً فقط على العالم، وإنما هناك أمل كبير أن تنفتح سياسياً، وهذا يعني أن قوى الاعتدال في الجمهورية الإيرانية ستكون لها الكلمة العليا، والخاسر هي قوى المحافظين المتشددة، وهذه الأخيرة كانت المهيمنة في معظم تاريخ الثورة الإيرانية، ليس بسبب “أيديولوجية” ومثاليات تصدير قيمها للخارج فقط، وإنما لظروف وجدت إيران نفسها تغرق بها، من الحرب العراقية الإيرانية، إلى موقف العداء لها من الولايات المتحدة وأوروبا، ومن بعد المقاطعة الاقتصادية، كلها أمور قوت من الجناح المتشدد في الجمهورية، وبالتالي، تم قبر كل محاولات الاعتدال مثل إدارة الرئيس خاتمي، وكان عذر وذريعة المتشددين لقمع محاولات الإصلاحيين هو الخطر الخارج وأمن الدولة، طبعاً تلك الذريعة لم تكن قاصرة عليهم، وإنما هي ظاهرة تستقوي بها قوى اليمين المتشددة والرجعية في معظم الدول النامية، حتى تحافظ على مصالحها واستمرار سلطانها.

الآن، وإذا رفعت العقوبات، تدريجياً، وتم تنفيذ الاتفاق فسيعني هذا بعض “البحبوحة” الاقتصادية (إن صحت التسمية) للطبقة الوسطى في إيران، مثلما كتب عدد من الكتاب، وبالتالي ستنعكس تلك الأجواء المريحة في داخل إيران على علاقاتها مع الخارج، وبالأخص جيران الجمهورية، وقد تعيد إيران حساباتها مثلاً في دعم مثل نظام الأسد دون حساب، فقد تفرض عليه مع روسيا شروطاً لمرحلة سلام قادمة، والأمر ذاته بالنسبة للعراق، فقد تتغير أسس الحوار مع الجانب السني نحو مشاركة حقيقية للسنة في إدارة الدولة، أو “فدرالية” لمناطق السنة بعد إزاحة قوى الشر منها كما يمثلها “داعش”… إلى غير ذلك.
ومثلما يسطع أمل الاعتدال في إيران، قد نجد له انعكاسات في دولنا، فلا تجد دولنا “سبباً” للخطر الخارجي والمؤامرة الإيرانية عليها لتقمع الداخل، وقد “نحلم” بانفتاح سياسي مقابل عندنا… ربما كل هذا من باب الأمل والتمني، أي wishfull thinking كما يقولون، لكن في مثل ظروفنا ووضع دولة مثل الكويت، على سبيل المثال، كسفينة صغيرة تتقاذفها أمواج عاتية في الخارج وقوى فساد متوطنة في الداخل، ماذا نملك غير الأمل بالتفاؤل؟!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *