حسن الهداد

الزبدة

أجمل ما في العالم أن يعمّ الأمن والأمان والسلام بين الناس والمجتمعات، ومن هنا ستنطلق الأفكار وستشرق الإبداعات وسنحصد الإنجازات، وسنتمكن من توافق الثقافات المختلفة.
كل هذه اللوحة الرائعة لن نلمس ملامحها أبدا ما دامت ساحتنا العربية غارقة في وحل الخلاف الديني والمذهبي، وحتى نوضح المشكلة ليست بالتعدد الديني أو المذهبي كون هذا الأمر من سنن الحياة على مر العصور بل المصيبة أن التطرف بات يفتك بدماء الأبرياء لمجرد اختلاف ديني أو عقائدي، ويبحث عن اقامة دولة تتناسب مع فكره الشيطاني، وهنا تكمن خطورة الوضع الراهن الذي بات يدعو للقلق والمصير المجهول.

فلا بد من إيجاد حلول ضرورية من قبل المعتدلين من الإسلاميين والليبراليين تكمن في انطلاق ثورة فكرية لمحاربة منابع تلك الأفكار المريضة التي ترى الجنة وحور العين بهدر دماء النفس البشرية.

في ظل تلك الظروف العصيبة للأسف لم أر معسكرا فكريا يتمثل في فكر إسلامي معتدل ولا حتى معسكرا ليبراليا وسطيا يعمل كجبهة فكرية منظمة لمحاربة هذه الأفكار الشاذة في التطرف للحد من خطورتها على الشباب المتحمس من خلال منابع الإعلام المختلفة وعقد الندوات والمؤتمرات، واستغلال وسائل التواصل الاجتماعي.

للأسف كل ما أراه هو ترك الساحة لطرف واحد يمثل التطرف الديني دون أي رادع فكري مقابل سموم المتطرفين التي جاءت باسم نصرة الدين والدين بريء من أفعالهم، فمن هنا لابد أن نعترف بأن من كان ينادي بالليبرالية والاعتدال الديني نجدهم اليوم كالنعام دفنوا رؤوسهم في التراب وباتوا مجرد مسميات لتحقيق مكاسب سياسية بعيدة عن انغماسها في المجتمع خاصة بين صفوف شريحة الشباب، الأمر الذي جعل هؤلاء الشباب في مرمى المتطرفين.

اليوم المجتمعات العربية وتحديدا الخليجية هي أحوج لوضع خطة متكاملة بالتعاون مع الحكومات لمحاربة الأفكار المتطرفة بأفكار مضادة تبدأ بالتعليم والمساجد ومساهمة الأسرة، والأهم ثم الأهم مراقبة دور العبادة وتغير الخطابات إلى خطابات تدعو للمحبة والسلام والوحدة، خاصة أن هناك من يستغل قدسيتها لغسل أدمغة الشباب بنشر الكراهية وشحن الشباب بمصطلحات تكفيرية تهيأ المغرر بهم إلى الانتحار بتفجير النفس وقتل الأبرياء تحت بند الشهادة.

أقولها بكل صراحة، إن لم تتحرك قوى الاعتدال ومنهم المعسكر الليبرالي لمحاربة هذا الفكر الشاذ عن حقيقة مبادئ الإسلام السمحة، أعتقد أن هذه المسميات التي تمثل الليبرالية ستسقط وما يبقى منها ألا ذكرى فشلها في أتعس الظروف.

وأكررها أن تلك المرحلة هي استثنائية وتعتبر الأفضل للتحرك من قبل قوى الاعتدال بأفكار تدعو للتسامح والتعايش السلمي على اعتبار أن هناك صحوة شبابية بدأت ترفض الفكر الديني المتطرف، ولكن هذه الصحوة بحاجة إلى ركائز تشد من قوتها، ولن نـرى هذه الركائز إلا من قبل من كان يدعو لها وعند الأزمة للأسـف صمت عن مـحاربتها.

الزبدة: إن اجتمعت قوى الاعتدال من الإسلاميين المعتدلين والليبراليين والحكومات على هدف واحد يكمن في القضاء على الفكر الديني المتطرف بفكر مضاد يأتي بحملات منظمة، هنا سنتخلص من دمارهم.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

حسن الهداد

كاتب صحفي حاصل على درجة الماجستير بالاعلام والعلاقات العامة
twitter: @kuw_sky

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *