عيد ناصر الشهري

من أخطاء الاستثمار: الحوافز غير المناسبة للموظفين

الشركات القابضة

يقوم كثير من الشركات القابضة بالعمليات الاستثمارية لمصلحة ملاك الأسهم. ويكون اغلب الحوافز لموظفي تلك الشركات على شكل مكافآت مالية مرتبطة بالراتب. ويعتبر هذا النوع من الحوافز المحدودة غير مناسب للاستثمارات. ومع الوقت يكون التركيز لدى هؤلاء الموظفين الحصول على المكافأة فقط من دون النظر الى العائد على حقوق المساهمين.
يجب ان يتم ربط العائد المالي للموظفين بالعائد المالي للمساهمين. عندما تتعرض الشركة القابضة لأي خسائر يفقد الموظفين مكافآتهم ثم يغادرون الشركة، وتفقد الشركة خبرات متميزة، كان من الممكن الاستفادة منها في الأزمات المالية. هذا ما حصل مع شركة جنرال إلكتريك، حيث خسرت مبلغ 13 مليار دولار سنة 2014 عبر ذراعها المالي GE Capital، وقررت الاستغناء عن 7 آلاف موظف وبيع الشركة. لذلك تبخّرت الحوافز المالية وضاعت مع رأس المال البشري. والاستنتاج هنا هو ان نظام المكافآت داخل الشركات القابضة هو نظام غير مستقر بسبب طبيعة هذه النوعية من الشركات.

البنوك

خلال الأزمة المالية الماضية، خسرت العديد من البنوك رؤوس اموال كبيرة وأفلس بعضها، مثل «ليمان براذرز». كان الوضع سيئاً بسبب ان البنوك كانت تعطي الموظفين مكافآت على شكل خيارات أسهم. عند الأزمات تصبح هذه الخيارات من دون قيمة، ويُصاب الموظفون باليأس، ثم يغادرون الشركات. أكثر البنوك العالمية تحدد المكافآت بشكل مضاعف للراتب السنوي، وهذا النظام لا يتناسب مع الربح الذي قد يجلبه الموظف. على سبيل المثال: يتم إعطاء الموظف مكافأة راتب سنتين عندما يربح البنك 100 مليون دولار بسبب قراراته. الأفضل منح الموظف نسبة من الربح الذي يجلبه بعد خصم تكلفة رأس المال، تُدفع على عدة سنوات vesting حتى يتجنّب البنك مخاطرة غير محسوبة.

المؤسسات الحكومية

لا توفر اي من المؤسسات الحكومية كالهيئة العامة للاستثمار او صندوق التنمية او الصندوق الوطني للمشاريع الصغيرة مكافآت مناسبة للموظفين. في الغالب تكون المكافأة نقدية ومحدودة بأربع او خمس مرات ضعف الراتب الشهري وليس السنوي. هذا النظام طارد للمواهب البشرية، لذلك لا يستمر العديد من الموظفين الناجحين في العمل بالقطاع الحكومي بسبب تدني مستوى المكافآت، كما أنه يعد أمراً يهدد كفاءة الادارة في المؤسسات الحكومية. المثير للإعجاب هو نظام المكافآت في شركة Temasek السنغافورية، حيث يتم إعطاء مكافآت ضعف الراتب السنوي ويتم دفعها للموظف على فترة تصل الى سبع سنوات، وتعطى المكافأة في حال الوصول الى عائد مستهدف محدد مسبقاً على رأس المال، وفي حال خسارة الشركة بسبب قرارات الموظف يتم خصم نسبة من المكافأة تتناسب مع الخسارة. لذلك يكون الحافز مناسب للموظف والشركة، الا انه يبقى غير متناسب مع حجم الربح المتوقع تحقيقه. ومع الوقت، لا يبذل الموظفون الجهد المناسب بسبب ضعف المكافأة وتفشل المؤسسة في تحقيق أهدافها. في الجانب الآخر من العالم، تقوم مؤسسة صندوق التقاعد الكندية CPP بدفع نسبة من الربح المحقق لفريق عمل المساهمات الخاصة لديها. وهو ما دفع موظفي الشركة للاستثمار مع شركة Silver Lake في شراء شركة Skype. وتم تحقيق ربح يتعدى المليار دولار، مما عاد بالفائدة على المؤسسة والموظف. لكن الجانب الخطر في هذه الحالة كان سعي نفس المؤسسة للاستثمار في اكبر صفقة بالتاريخ، وهي شراء شركة BCE للاتصالات، الا انها لم تتم.

الملكية الخاصة

افضل نظام حوافز للموظفين والشركاء في شركات الملكية الخاصة موجود لدى KKR وTPG والشركات المهنية كشركات المحاماة مثل Baker McKenzie وSkadden Arps والمحاسبة مثل Deloitte وKPMG وشركات الاستشارات مثل Bain Co وBCG. تقوم هذه الشركات على أساس مشاركة الموظفين بالربح الصافي للشركة، والذي يصل إلى مليارات الدولارات. ويتم توزيع نسبة الربح وفق اداء الموظف ودرجته الوظيفية. لذلك نجد ان الموظفين يستقرون فترات طويلة في تلك الشركات ويبنون خبرات مميزة على مدى عقود مما يعود بالربح على المستثمرين. اساس هذه الحوافز هو المشاركة بشكل فعلي وبما يتناسب مع الجهد المبذول، واغلب شركات الملكية الخاصة تطلب استثمار الموظف امواله الخاصة مع المستثمرين الآخرين.

الضرر

نظام الحوافز السيئ سبب أساسي في تغيير الموظفين وضحالة خبرتهم. وفي بعض الحالات يتسبب نظام الحوافز السلبي بخسائر كبيرة للشركات الاستثمارية والبنوك والشركات القابضة. وهناك العديد من الحالات التي يستسلم فيها الموظفون لنظام المكافآت السيئ، باذلين مجهوداً محدوداً، مع التأثير سلبياً في ثقافة العمل داخل الشركة مما يهدد بزوالها في النهاية.

التوصية

يعتمد الاستثمار بطبيعته على قرارات الأشخاص. وجذب الأفضل من الموظفين والاحتفاظ بهم اهم عامل في نجاح تلك المؤسسات الخاصة. لذلك يحب وضع نظام حوافز بعناية، يكافئ الأفضل ويؤدي الى الحفاظ على الموظفين الأكفاء، مع عدم مكافأة الأشخاص الذين لا يعملون بإنتاجية مناسبة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عيد ناصر الشهري

شركة الأجيال القادمة للاستشارات
e7sibha@
* تقدم الشركة خدمات إعادة هيكلة للشركات المتعثرة.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *