باسل الجاسر

الإيداعات وتلويث الخصوم

بدأت الأخبار تتناثر يمينا ويسارا عن تقرير مزعوم للجنة التحقيق البرلمانية في الإيداعات، والتي كلفت بالكشف عن الأرصدة والعقارات والأسهم التي يملكها النواب في مجالس 2006 ولغاية المجلس المبطل 2 وتم استثناء نواب المجلس الحالي.

ولا يجوز أن يتم تناول ما جاء في هذا التقرير من معلومات في مواقع التواصل الاجتماعي على هذا النحو المشين وبهذه الطريقة الفاسدة لتلويث سمعة الخصوم من النواب السابقين، إنها طريقة عجيبة لم نر لها مثيلا في تاريخنا السياسي، فمن جانب «يقال» إن اللجنة انتهت من تقريرها واكتشفت تضخم أرصدة وزيادة غير طبيعية في أملاك البعض منهم نواب حاليون وسابقون، وبعد ذلك تقوم صحيفة إلكترونية بنشر تقرير عن الموضوع وتضع صورا لنواب سابقين ليس لها ارتباط بالخبر، وتشير لبعض الأسماء بتضخم أرصدتهم أو أملاكهم، وبعدها مغردون مجهولو الهوية يرددون بأنه سيحال فلان وفلان إلى النيابة العامة الأسبوع القادم، ويتبعهم مغردون معروفو الهوية بالقول «سيحال فلان دون تحديد اسمه ولكن يحددون الشخص برموز يعرفها الناس»، فيتم تلويث سمعة وشرف الناس ودون أن يجدوا وسيلة ليقتصوا قضائيا ممن لوث سمعتهم.

والحقيقة انه وبغض النظر عن قانونية الكشف عن المعلومات السرية للمواطنين التي صانها القانون وحدد الجهة الوحيدة التي تملك هذا الحق وهي النيابة العامة، أقول بغض النظر عن قانونية ودستورية إجراءات لجنة التحقيق، إلا أنني كمواطن أريد معرفة من تضخمت حساباته وثروته بعد دخوله لمجلس الأمة، ويريد الشعب الكشف عن أسمائهم ولكن وفق القانون ويجب أن يأخذوا حقهم الدستوري بالدفاع عن أنفسهم.

لذلك يجب أن تعلن ملكية كافة الأسماء ولا يجوز أن تتولى لجنة التحقيق أو المجلس سلطة إحالة «س» للنيابة العامة وتغطي على «ص» لأنه من الموالين، أو أن تحال جميع الأسماء إلى النيابة العامة وهي تتولى التحقيق وتقدر من تضخمت أملاكه بما يثير الشبهات فتحيله للمحكمة، ومن أملاكه في حدود المعقول ولا يثير الشبهات فتحفظ القضية.

أما أن تتولى لجنة التحقيق النيابية حق الحفظ وحق الإحالة وهم جميعا سياسيون ولهم خصومات وصداقات وتحالفات سياسية، فهذا يثير شبهات المجاملة والتغطية على الأصدقاء والأحبة، ويثير الخشية من تلويث الخصوم حتى ولو كانت ثرواتهم في حدود المعقول ولا تثير الشبهات، فمجرد الإحالة ستكون تلويثا لسمعته لأنها وضعته مع فاسدين وتضخمت أملاكهم ويستحقون المحاسبة، وإلى أن تحقق النيابة وتحيل للمحكمة التي ستحكم بعد سنتين، فحتى عند صدور حكم بالبراءة فإنها ستأتي بعد خراب مالطا.

لذلك فإنني أتمنى على لجنة التحقيق البرلمانية ودرءا للشبهات، بأن تقوم بإحالة أسماء جميع نواب منذ العام 2006 ولغاية المجلس المبطل 2 ومعهم كشوف بما يملكون للنيابة العامة لتقرر هي «وهي صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الجانب» من تضخمت أملاكه بشكل يثير الشبهات فتوجه له الاتهام بالتكسب واستغلال المنصب فتحيله بصحيفة اتهام للمحاكم.. أو ان تعرض اللجنة جميع الأسماء وكل أملاكهم على الشعب.

أما أن تقوم اللجنة بالاستحواذ على سلطات النيابة العامة وتقرر من يحال لها ومن لا يحال ومن تضخمت أملاكه بشكل مثير للشبهات ومن تضخمت أمواله بالحلال الزلال، فهذا فيه افتئات على الدستور والقانون والمنطق السوي.. وسيكون موضوعا لإثارة الشكوك بحق أعضاء هذه اللجنة، ولا أخفيكم بأنني من الآن ثارت لدي الشكوك إذا سارت الأمور على النحو الذي احذر منه.. فهل من مدكر؟

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *