عادل عبدالله المطيري

كامب ديفيد وتوازن القوى

جاءت القمة الأميركية الخليجية بكامب ديفيد في وسط صراعات وحروب متعددة تمر بها المنطقة العربية، والعامل المشترك في كل تلك الصراعات هي «إيران»، فالصراع في العراق وسورية أحد أطرافه الإيرانيون، حتى حرب عاصفة الحزم التي يشنها التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ضد ميليشيات المخلوع علي صالح والحوثي تبدوا تدخلات إيران واضحة في المشهد.

وهنا يجب التأكيد أيضا – على أن الإعلان عن اجتماع كامب ديفيد جاء بعد الإعلان عن التوصل إلى تفاهمات بين دول 5+1 وإيران بشأن المسألة النووية، حيث أثارت الاتفاقية المتوقعة تساؤلات وربما مخاوف دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فالنظام الإقليمي لمنطقتنا بالكاد وصل إلى مرحلة توازن القوى بين إيران وحلفائها من جهة والخليجيين وحلفائهم العرب من جهة أخرى، وأي اتفاقية ستعزز من قوة إيران على حساب الخليجيين بالتأكيد ستكون مرفوضة خليجيا.

الولايات المتحدة الأميركية لطالما كانت تعتمد في تعاملاتها مع الفاعلين المهمين في إقليمنا المضطرب وفق سياسة الاحتواء، فحرب الخليج الأولى لم تكن إلا نوعا من احتواء خطر إيران والعراق معا، وحتى بعد حرب تحرير الكويت اضطرت الولايات المتحدة إلى أن تعلن صراحة انها ستطبق نظرية برنارد لويس «الاحتواء المزدوج» ولكن هذه المرة بنفسها.

حتى المصطلح السياسي الأهم في أدبيات السياسة الخارجية الأميركية وهو مصطلح «محور الشر»، والذي استخدمته إدارة بوش الابن منذ عام 2002 لسنوات عديدة، وتقصد به كل من «إيران – العراق – كوريا الشمالية»، بات أن يتحول من محور الشر إلى تحالف يشبه تحالف دول المحور ، فالحكومة العراقية الآن هي من اقرب حلفاء الولايات المتحدة الأميركية، أما العلاقات الإيرانية – الأميركية فكل يوم تزداد حميمية، بل حتى كوريا الشمالية وان لم تصبح صديقة لأميركا، فإنها على الأقل استطاعت ان تتحايل عليها وعلى المجتمع الدولي فبالرغم من توقيعها لاتفاقية مراقبة وتفتيش نووية إلا أنها أصبحت تملك أسلحة نووية محدودة.

من الواضح ان سياسة الولايات المتحدة الأميركية على وشك التبدل والتغير من حيث التحالفات ونوعية السياسات، فالولايات المتحدة تسعى إلى صنع توازن جديد وخطر جدا في المنطقة، يسمح لإيران بالاقتراب من السلاح النووي بمقابل تزويد الخليجيين بقوة عسكرية ومنظومة دفاع تستطيع تدميره، وهذا ما أكدته محادثات «كامب ديفيد» نشر منظومة دفاعية متكاملة، ضد الصواريخ طويلة المدى، إضافة إلى إجراء المزيد من المناورات العسكرية لمواجهة التحديات المتعلقة بالملاحة، ومكافحة الإرهاب، والدفاع الجوي والصاروخي.

حتما لن يرفض الخليجيين زيادة الضمانات الأمنية الأميركية المكتوبة بالنظر إلى سلوك إيران في المنطقة، برغم من قناعتهم أن التهديد الإيراني، لا يمكن لأي اتفاق تسليح جديد مع الولايات المتحدة أن يحد منه.

ختاما – مرة أخرى تؤكد الأوضاع الدولية الجديدة اننا نحن «الخليجيين» من سيقع على عاتقنا القيام بالمبادرة للحد من تدخلات الآخرين في شؤوننا، ونحن وحدنا من سيزيل أي تهديد أمني متوقع بأنفسنا.

٭ خلاصة: كامب ديفيد الأولى أعطت مصر السلام مقابل التفوق الإسرائيلي، أتمنى ألا تعطي كامب ديفيد الثانية للخليجيين الأمن مقابل التفوق الإيراني.

 

 

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عادل عبدالله المطيري

twitter: @almutairiadel
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *