علي محمود خاجه

وزير الناس

يقدم نفسه كوزير من الناس وللناس، يشاركهم أحيانا في أعمالهم، فتارة نجده يفاجئ دورية شرطة بالركوب في مقاعدها الخلفية، وتارة أخرى يزور مراكز الخدمة ليخلّص معاملات الناس، وبعض "الحركات" الأخرى التي لا تصلح أبداً في زمن الإعلام الإلكتروني الذي يتيح لكل الناس التعليق والنقد، بل الامتعاض من تلك التصرفات التي يعتقد الكثيرون أنها مصطنعة أو معدّ لها مسبقا.
أقصد هنا الشيخ محمد الخالد وزير الداخلية العائد للوزارة بعد فترة انقطاع طويلة، فبينما يبدو أنه يعتقد أن فترة غيابه عن الوزارة لم تتغير الحال في الكويت أبدا، فهو لا يزال يعتقد أن الصحافة الورقية هي المسيطرة فيكرر تصرفاته القديمة وتغطيها الصحافة كأنها مفاجآت لا يقدم عليها أي وزير، وأنا لا أفهم كيف تكون تصرفاته مفاجئة ودائما يكون هناك مصور أو صحافي في تلك المفاجآت؟
عموما وبعيدا عن "حركات" الوزير "البايتة" فأنا لن تهمني أبدا تلك الحركات إن كان الوزير يحرص على تطبيق القانون والالتزام به، إلا أنه وكما هو واضح فإن للوزير والوزارة أو الحكومة عموما قانوناً آخر عنوانه المزاج والخوف، فمتى ما حضر هذان العنصران تكسرت أي نصوص قانونية أو لوائح تنظيمية أمامهم، فالكل ممنوع من دخول الكويت دون مبرر قانوني متى ما صرخ شيعي هنا وسنّي هناك أو الاثنان معا لمنع رجل دين من أحد المذهبين أو لمنع مفكر أو مطرب أو رسام، فتكون النتيجة خوف الوزير من هذا الصراخ ومنع المسموح له من الدخول.
وبالأمس القريب كانت إحدى الجهات تعد فعالية تحت شعار "أنا أحترم الحياة" للتوعية المرورية، وهي فعالية تضم في طياتها حفلا غنائيا يحييه شباب كويتيون ومطرب أجنبي، ويحصل على كل التراخيص اللازمة من "الإعلام" والدعم اللامحدود والتشجيع من "الداخلية" ممثلة بالإعلام الأمني، وما إن ظهر "هاشتاق" في "تويتر" يطالب بمنع الفعالية قبل إقامتها بيومين حتى رضخت وزارة الداخلية ومعها "الإعلام"، فمُنع الحفل المرخص من "الإعلام" والمدعوم من "الداخلية"!!
لو أن هذا الحفل كان سيقام في دبي وتعالت الأصوت لمنعه فهل كان محمد بن راشد سيرضخ لتلك المطالبات أم سيقيم الفعالية؟ أعتقد أن الإجابة معروفة بأنه لن يخاف من الصراخ طالما كل الإجراءات قانونية، وهنا يكمن الفرق، فالدول التي تحترم قوانينها وتلتزم بما تصدره من لوائح هي الدول التي تحظى بالاحترام، وتستقطب العالم كله، أما الدول التي تتراجع بمجرد الصراخ فلا قيمة لقوانينها ولا احترام لنصوصها.
نحن فعلا بحاجة إلى رجال دولة قادرين على المواجهة عندما يطبقون القانون، فلا نشاط يمنع بدون سبب قانوني صريح، ولا زائر يهان بسبب صراخ هنا وامتعاض هناك، ومع كل أسف لا يوجد هذا النموذج من رجال الدولة على الأقل في العقدين الأخيرين.
ختاما يا وزير الداخلية، صوّر كما تشاء وقم بمفاجآتك المعدّة مسبقاً كما تريد، ولكن طبّق القانون والتزم به دون خوف أو مزاج.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *