علي محمود خاجه

صوت واحد!!

أستغرب كثيراً من مدى السذاجة لدى بعض نواب مجلس الأمة، فمهما علت درجاتهم العلمية أو خبراتهم الحياتية فإنهم في بعض الأحيان يقدمون اقتراحات ويقرون تشريعات غريبة، وهو أمر غير مرتبط بمجلس بعينه بل يمتد إلى جميع مجالس الأمة. فقد أقدم بعض نواب هذا المجلس على تقديم اقتراح بقانون للاتحادات الطلابية، ومن هؤلاء النواب من يفترض أنهم يفقهون في العمل الطلابي وآلية عمله، وأقصد هنا النائب خليل عبدالله والنائب يوسف الزلزلة. واقتراحهم مليء بالمثالب الدستورية كمنع الطلبة من الحق الدستوري بالتقاضي، وكذلك يفتقد للمنطقية، فهو يحدد سن العضوية بـ٢١ سنة ومدتها ٣ سنوات، بمعنى أن الطالب سيقضي ثلثي مدة عضويته وهو متخرج من الجامعة أصلا. وغير ذلك من أخطاء مضحكة بالقانون المقترح. إلا أن المحور الأساسي للقانون هو تطبيق نظام الصوت الواحد، وهو ما يهدف إليه مقدمو الاقتراح حسب تصريحاتهم، وأنا لا أفهم كيف لتجربة انتخابية (الصوت الواحد) لم يحن الوقت بعد لتقييمها أن تعمم، وإن كان المثال الواضح لها، وأقصد هنا الجمعيات التعاونية، لم يحقق أي نجاح إلى الآن، أما مثال مجلس الأمة فلا يمكن تقييمه في ظل عدم مشاركة عدد من التيارات السياسية. لن أخوض في مسببات تحويل الانتخابات الطلابية للصوت الواحد، ولا في "تبرمج" بعض النواب على أن الصوت الواحد هو الحل لكل مشاكلنا، بل سأتطرق للحالة التي سيُصبِح عليها الوضع الطلابي إن أُقر هذا النظام. حيث سيتعين على المرشح وحيداً أن يقدم نفسه لعشرين ألف طالب في غضون أسبوعين من بدء الدراسة، وأن يجول في أكثر من تسع كليات لا يعرف طلبتها في هذين الأسبوعين، وأن يتحمل تكاليف طباعة مختلف أشكال الإعلانات بمفرده، وإن سلمنا بأن هناك من سيسانده من زملاء الدراسة فإن هذا الأمر سيظلم طلبة الكليات الصغيرة من حيث عدد الطلبة الذين لن يمكنهم إيصال مرشحيهم، وإن أجمع طلبة الكلية عليهم. أما من ناحية الناخبين فلن يتمكنوا من معرفة الأكفأ، وإن سعوا إلى الاستماع لكل المرشحين، وحتى إن اختاروا المرشح الأكفأ فلن يكون هناك مجال لمعرفة الأكفأ بعده لعدم وجود قائمة تسير على خط واضح تتيح لهم اختيار المنهج الذي يريدون. بالمحصلة الصوت الواحد سيؤثر في المرشحين دراسيا، خصوصا أنهم سيسعون إلى إيصال صوتهم المنفرد لعشرين ألف طالب، ولن يتمكنوا من ذلك، أما الناخبون فسيتمترسون خلف انتماءاتهم القبلية والطائفية رغما عنهم لصعوبة معرفة المرشح الأنسب، وستكون النتيجة طائفية وقبلية أكبر. ضمن نطاق التغطية : للأعزاء الطلبة استمروا في حراككم الرافض لهذا القانون الساذج الهزيل إلى أن يسقط هذا المقترح.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *