وليد جاسم الجاسم

الأسوأ من إحراق الأحياء

الجريمة البشعة التي أقدم عليها تنظيم الدولة الإسلامية – داعش بإحراق الطيار الأردني الشاب حياً هي جريمة بشعة يجب أن يتفق الجميع على رفضها وعلى تبرئة الإسلام منها والتوقف فوراً عن العبثية غير الناضجة التي بدأت منذ يوم أمس الأول بمحاولة إلقاء تبعات مثل هذه الجرائم على مذهب ما أو فكر ما من الفكر أو المذاهب الإسلامية.

لا يحاولن أحدكم مهما كانت طائفيته بغيضة إلصاق هذه الجريمة بمذهب ما من المذاهب الإسلامية حتى لو وجدتم في أي من هذه المذاهب ما يبيح أو يبرر أو يحدد ضوابط الإحراق للأحياء من البشر، فحتى لو كانت مثل هذه الممارسات موجودة تاريخياً فهي ممارسات انتهت وصارت عدماً شأنها شأن ممارسات أخرى كانت ومازالت مباحة شرعاً لكن العصر الحديث توقف عن ممارستها ولم يعد يتقبلها بل ينفر من فاعليها نفوراً شديداً.

بيع وشراء العبيد مثلاً كان أمراً مباحاً شرعاً ولا تثريب على من يفعله بل كان عملاً مقبولاً والبعض يعرف أن جده كان من تجار الرقيق قبل نحو مائة سنة فقط وليس 13 أو 14 قرناً، بل ان العبيد كانوا يدخلون حتى في حسبة المواريث فتنتقل ملكيتهم من المالك المتوفى إلى ورثته، لكن هذا المباح سابقاً صار منفراً وغير مقبول بحكم القانون وبحكم الواقع وبحكم أمزجة الناس في هذا العصر التي لا تقدم بالضرورة على كل مباح وكأنه أمر ملزم أو فرض عين يجب ممارسته أو إلصاقه بالمرء كما يصور زوراً بعض أنصار هذا التيار أو ذاك ضمن الرغبات الطائفية المحمومة للإساءة إلى الطرف الآخر وتحميله مسؤولية هذا الجنون الذي يمارسه أفراخ المخابرات وليس رجال دين.

أيضا.. الزواج من صغيرات السن القصَّر من عمر تسع أو عشر سنوات حيث كان وما زال أمراً مباحاً ومشروعاً دينياً لكنه لم يعد كذلك في قوانين كل أو الغالبية العظمى من الدول الإسلامية التي ستحاكم من يقدم على ذلك ولا تقبل هذه الممارسة المباحة دينياً على أرض الواقع اليوم، فهل يملك طائفي قميء من هذا الفريق أو ذاك ان يلصق هذه الممارسة إن فعلها أحد اليوم بطائفة أو تيار أو فكر؟؟

مؤسف فعلاً أن ينحدِر البعض أخلاقياً الى هذا الحد ويحاول بدلاً من أن يقول إن هذه الجرائم محكومة بنفسيات مريضة أو أجيرة تراه يحاول ان يستخدم هذه الجريمة البشعة اليوم للإساءة الطائفية إلى هذا الطرف أو ذاك حتى تحول الأمر إلى تبادل للاتهامات بينما الحقيقة أن هذه الفعلة الساعية للإساءة الطائفية تدل على مرض كامن في بعض النفوس يوازي إن لم يكن يفوق أمراض القتلة والحرَّاقين.

اتقوا الله في دينكم وفي أنفسكم واعلموا أنكم بذلك كمن يحرقون دينهم وهذا أبشع وأضل سبيلاً.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *