وليد جاسم الجاسم

خمور وحشيش وقانون

هناك نوعية من القرارات متى اتخذت فلا يمكن الرجوع عنها تحت أي ظرف من الظروف ويكون أي حديث عن إلغائها أو سعي إلى تعديلها ضرباً من الخيال.. وسيؤدي إلى عواقب أصعب مما يطرح الراغب في تعديلها.
هذا تماماً ما ينطبق على قانون منع الخمور سواء في الكويت، أو في أي دولة إسلامية أخرى، فما دام الخمر مباحاً ويباع.. لا يقاوم الناس الأمر وربما يتقبله البعض ولو على مضض.. ولكن متى صدر التشريع المانع فلا يمكن لأي كان أن يغير من الأمر شيئاً.
وحتى في دول الخليج التي يتحدث عنها مؤيدو إلغاء قانون منع الخمور، في هذه الدول إذا صدر تشريع قانوني بمنع الخمر فإنها لن تقدر أن تتراجع عن قرارها هذا مستقبلاً.
لهذا.. لا اتفق مع ما أثاره عضو مجلس الأمة الزميل نبيل الفضل مهما ساق من الحجج ومهما شرح الأمر بأن الشباب اندفعوا نحو المخدرات وأن جيوب الفقراء تآكلت منها الأموال على حساب ابنائهم وأسرهم التي باتت مهددة.. وحتى لو جلب دراسات تثبت وجود وفيات متصاعدة بسبب اللجوء المتزايد إلى المخدرات، فلا مناص من استمرارية قانون منع الخمور مهما كانت النتائج.. لأن القانون صدر في بداية الستينيات وانتهى الأمر بصدوره ويصعب أو لنقل من المستحيل أن تجد نائباً أو مسؤولاً في الدولة يقبل بتمرير تشريع يقضي بإلغاء منع الخمر باسمه حتى لو كان هذا النائب أو المسؤول (يلِكّه) كل ليلة موبس في المناسبات!
والأمر لا يخص الكويت فقط مثلما قلنا، فلو أصدرت أي دولة إسلامية.. سواء خليجية مثل البحرين أو الإمارات أو عمان أو قطر أو حتى الدول الأخرى الإسلامية والعربية مثل مصر قراراً بحظر الخمور فإن أياً من هذه البلدان لن يكون قادراً على العودة عن قراره وإباحة الخمور بعد منعها.
لهذا ننصح الإخوة المؤيدين لإلغاء هذا القانون بالتوقف عن الحرث في المياه، والاعتراف بالأمر الواقع.. فالأمر قضي وانتهى ولن يغيّره شيء مهما فعلوا ومهما قالوا ومهما قدّموا.
أما عن القول بأن منع الخمور قد قاد الى تعاطي المخدرات فمردود عليه بأكثر من منطق، فالخمور والمخدرات كلاهما محرم ولا يقبل الناس اباحة المحرم سواء هذا أو ذاك، وأيضا في كل الدول التي تبيع الخمر معلوم أن هناك من يتعاطون المخدرات فيها، وبالتالي المخدرات ليست بالضرورة نتيجة حتمية لمنع الخمور وإلا لما وجدنا مدمني المخدرات في كل دول العالم التي تبيع الخمور. ولو أخذنا بهذه الحجة تحت مبرر الرغبة في التخفيف من ادمان المخدرات فسيأتي يوم يقال فيه ان اباحة الخمر لم تفد الشباب فافسحوا المجال لتعاطي الحشيش مثل هولندا.. ثم يأتي من يقول افتحوا الباب لتجارة الافيون والهيروين والكوكايين على الاقل من باب دعم واسناد المجاهدين في أفغانستان وجماعة حزب الله في البقاع..!!
ما قاله النائب نبيل الفضل عن الخمر لن يغير شيئا، ومن عارضوه وتصدوا لطرحه لن يحموا شيئا لأن شيئا لن يحدث أو يتغير اصلا، ومن ايدوا طرحه ايضا لن يفيدوه بشيء لأن شيئاً لن يحدث أو يتغير.
اتركوا عنكم الخمور، وانسوا ما حدث في تشريع منعها وانتبهوا في تشريعاتكم القادمة.. ولا تخنقوا الناس بكثرة القوانين.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *