مبارك الدويلة

الانتقام الرخيص

كما حذرت في اكثر من مقال سابق، الحل الأمني اصبح هو المسيطر على ذهنية اغلب اصحاب القرار التنفيذي في هذا البلد! وهذا وضع مؤسف ان نعالج مشاكلنا بفرض القبضة الحديدية!

قد يكسب وزير الداخلية الحركة على الارض، لكنه سيفقد حركة المشاعر في قلوب الكثير من الكويتيين، وهنا ستخسر الكويت ميزة تفردت فيها عن معظم دول المنطقة، وكانت سببا في استقرار العلاقة بين الحاكم والمحكوم، فعندما يشعر المواطن ان أمنه الاجتماعي وحريته الفكرية اصبحا مرتبطين بمدى التزامه بتوجهات الحكومة وخطها السياسي، عند ذلك ستكون مشاعره تجاه حكومته تحيطها الريبة والشكوك!

سحب جنسية النائب السابق عبدالله البرغش واخوانه خطوة غير موفقة، وواضح من تصريح وزير الاعلام ان القرار بسبب موقف البرغش من الحراك الشعبي وانتقاده لمظاهر الفساد في اجهزة الدولة! ولو تسأل أي كويتي ماذا قال عبدالله البرغش لقال لك: لا اعرف ولم اسمع! ومع هذا كان واضحا ان السبب المعلن هو التجنيس بسبب التزوير او اعطاء معلومات مغلوطة، وهذا السبب يؤكد الانتقائية التي حذرنا منها، فكم جريمة مرت على الكويت اوضح من التزوير لم تسحب جناسي مرتكبيها، فالتفجيرات الارهابية بالثمانينات والنائب المتجنس على قريبه، ومئات الكويتيين الذين يحملون جنسية دولة عظمى، وكشف بأسمائهم عند السلطات الحكومية، والنائب الذي ظهر باللباس العسكري لاحدى دول المنطقة، وغيرهم كثير لم يتم تطبيق القانون عليهم، بل لم يطالب احد بتطبيق القانون عليهم لظروف البلد التي كلنا نعرفها، ففي الدول المتحضرة اذا جاء الاجنبي برأسمال بسيط، واشتغل بحرفة او صناعة مفيدة تم تجنيسه بعد خمس سنوات، ومن يعمل في مجال مميز تكون له حظوة للتجنيس، ونحن هنا نسحب جنسية شخص اختاره الشعب ليمثله في مجلس الامة لاكثر من دورة، وآخر يدير واحدة من اهم القنوات الفضائية وأنجحها، ربما لدوافع انتقامية سياسية! من دون اي اعتبار لما سيترتب على ذلك من مشاكل اجتماعية ومالية وانسانية.

انني اناشد صاحب القلب الكبير سمو الامير ألا يصدق على هذا المرسوم الذي يزرع الفرقة والكراهية بين افراد الشعب الواحد، وان ينظر الى تداعياته الخطرة على وحدة المجتمع، وقد عودنا حفظه الله على هذه التدخلات الايجابية التي تبني ولا تهدم!

***

يصاب الانسان بالدهشة، وهو يشاهد هذا الصمت المريب من العرب تجاه ما يحدث في غزة من عربدة اسرائيلية استباحت كل المحرمات، وتجاوزت كل الخطوط الحمراء، من دون ان نسمع قائداً واحداً يعلن الفزعة والانتصار لاهل غزة! الاستثناء الوحيد جاء من سمو الشيخ صباح الاحمد أمير الكويت، الذي رحب بزيارة خالد مشعل رئيس حركة حماس للبلاد، والذي حول الزيارة الى نجاح بكل المقاييس!

لقد كانت الكويت محرجة من التزامها مع بعض دول الخليج في سياستها الخارجية، وخاصة في ما يتعلق بنشاط التيارات الاسلامية التي تتبنى فكر الاخوان المسلمين، لكن الاولويات لابد ان تتمايز اليوم، فالقضية الفلسطينية التي انطلقت شرارتها من الكويت تعتبر أولوية كويتية وهمّاً كويتياً عند جميع اهل الكويت الاوفياء لقضايا الامة، لذلك تفضل صاحب السمو، وقابل رئيس حماس وكأنه يقول للأمة: فلسطين اكبر وأهم من التيارات والاحزاب والدول!

لقد غادر القائد الفلسطيني الكويت، التي تربى فيها، وهو سعيد بما سمع من عبارات الدعم والتأييد من المسؤولين الكويتيين.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *