محمد الوشيحي

من قال إن الكويت تخلو من الجمال؟

يزعم صديق: تنازل الكويتيون عن طموحاتهم الكبرى، وباتوا يبحثون الآن، في ظل فوضى الفساد وغبارها وضجيجها، عن بقايا الطموحات الصغرى وفتاتها، مثل نظافة المستشفيات، كما كانت سابقاً، وقرب مواعيد العلاج، كما في السابق، وسرعة إنجاز المعاملات، أيضاً كما كانت في السابق، وتخفيف الواسطة المسعورة، وتقليل الرشوة “يقول أحد طيبي القلوب: خلاص، قبلنا بالرشوة كأمر واقع، لكن ليس بهذه الدرجة من الفحش والطمع الذي يكسر الظهر”، ويتمنون عدم انقطاع الكهرباء، ووو…

ويسمع العابر فوق أجواء الكويت أصوات الغضب من تأخر إصدار الجوازات، فترة قد تتجاوز شهراً، وقد تصل إلى شهرين، في حين تصرفها بعض الدول، مثل دولة الإمارات الشقيقة، في غضون ثلاث دقائق، وقيل بل في ثلاث دقائق وأربعين ثانية، عبر أجهزة منتشرة في أماكن عدة، لا تكدس أمامها ولا تزاحم.

ويضيف الصديق: زحمة غضب في الكويت، اختلطت فيها صرخة من هنا، بتنهيدة من هناك، بأفٍّ حارة من تلك الجهة، بضرب كف بكف من جهة أخرى، على ما وصلت إليه الكويت من انهيار وتدهور وفقدان الثقة بكل ما هو حكومي… فهذا وهذه وذاك وتلك من أبناء الكويت يقسمون على أن الديرة أضحت تخلو من الجمال! والعياذ بالله.

انتهى حديث الصديق. وله ولغيره أقول: لا تطمسوا الحق بسبب غضبتكم، واذكروا محاسن بلدكم، وإن كنتم لا تعرفونها أشرت إليها. خذوا عندكم، واتقوا الله في بلدكم: غضبتكم هذه لا تبرر نكرانكم لجودة ساندويتشات ذلك المطعم في الفحيحيل، الذي يمكن أن تصل إليه بعد أن تتجاوز دوار الصناعية، وتترك المقبرة على يمينك، ثم ينحني بك الشارع إلى اليسار، فتنحني معه، وتتجه شمالاً، فتجد المطعم على يمينك. صحيح أنه انتقل من مكانه، لكنك لو سألت المارة وعابري السبيل لوجدت من يرشدك إلى مكانه.

اذكروا محاسن بلدكم، سيداتي وسادتي، ولا يعمينكم الغضب عنها. وخذوا عندكم موطن جمال آخر في هذا البلد السعيد: هناك خياط باكستاني أمين وفنان، وينجز دشاديشكم بأسرع مما تتوقعون. وهناك ديوانية أبو سعود، أو ديوانية أبي سعود كما تقول العرب، يجتمع فيها بسطاء القوم، صحيح أنك لن تخرج بفائدة منها، لكنك ستضحك منذ لحظة دخولك إليها، ولن تتوقف عن الضحك إلا في سيارتك عند مغادرتك. وغيرها وغيرها وغيرها…

صدقوني، في الكويت مواطن جمال لو دققتم النظر. ثم إن الوزراء والنواب يمتدحون الوضع ويثنون على حسن التعاون بين المجلسين، فكيف تكذبونهم؟ اخلعوا نظارات الكآبة، وانظروا إلى بلدكم بعيون وردية تعلوها رموش تسلهم بحنان وخجل. يا رعاكم الله.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *