سامي النصف

حمد الجوعان شمس لا تغيب!

فقدت الكويت قبل أيام برحيل السياسي والإداري والوطني حمـد الجوعـان جزءا كبيرا من ضميرها الوطني وعقلها السياسي وتميزها الإداري، مسيرة الجوعان العطرة تظهر إنشاءه في السبعينيات لمؤسسة التأمينات الاجتماعية بدعم من سمو الأمير الراحل جابر الأحمد الذي تميز عهده بتشجيع المبادرات، وقد أصبحت التأمينات قدوة في حسن التنظيم والإدارة والنزاهة والشفافية إبان قيادته لها!

***

وبعد أن أسس الجوعان تلك المؤسسة القدوة اتجه إلى العمل السياسي، حيث انتخب عام 85 نائبا في مجلس الأمة الكويتي، وكان مرجعا قانونيا ودستوريا تحت قبة البرلمان وفي دهاليز المجلس ومحاربا شديدا للفساد حتى قيل إن سبب حل مجلس 85 كان اختيار الجوعان للتحقيق في الأموال التي خرجت من البنك المركزي في تلك الفترة، ولم يعرف عنه اللدد أو الفجور في الخصومة كما لم يكن ضميرا يمكن شراؤه، لذا تمت محاولة اغتياله بعد 3 أيام من تحرير الكويت عام 91 بدلا من مكافأته على صموده طوال أيام الغزو البغيض، وقد كان على رأس المطلوبين من قبل قوى صدام الأمنية.

***

وفي عام 92 وبعد عام من محاولة اغتياله الغاشمة اجتاح الجوعان الانتخابات البرلمانية في دائرته الانتخابية ودخل مجلس الأمة على كرسي متحرك بعد أن تسبب الاعتداء الغادر له في الشلل والإعاقة، وواصل دوره الوطني في خدمة الكويت وشعبها، إلا أن حالته الصحية ساءت ولم يسمح له ضميره بأن يترشح لانتخابات عام 1996 رغم ضمان نجاحه المؤكد بسبب معرفته بأن إعاقته الحقيقية وحالته الصحية لن تسمح له بأداء عمله النيابي، وإيمانه بأن المناصب العامة هي تكليف لا تشريف لذا أعلن اعتزاله العمل السياسي حتى وفاته وبقي حيا في ضمائر الكويتيين وشمسا لا تغيب في تاريخ الكويت، وكم في سيرته العطرة من عظات وعبر.

***

آخر محطة:

(1) خير ما تفعله الكويت لابنها البار حمد الجوعان هو تخليد اسمه بإطلاقه على مدرسة أو كلية أو أحد شوارعها الرئيسية، وقبل ذلك الالتزام بالمبادئ التي آمن بها والأعمال التي قام بها.

(2) جعلت شخصيا من تجربة الراحل الكبير حمد الجوعان في مؤسسة التأمينات الاجتماعية نبراسا لعملي في «الكويتية» وقررت ومن معي أن ننشئ كيانا جميلا لا مكان للفساد المالي أو الإداري فيه، وأن يكون عمل الموظف وكفاءته ونزاهته لا اسمه أو انتماؤه سببا لتقديره وترقيته وان نبعد «الكويتية» والكويت عن الصورة النمطية السائدة والقائلة بأنه لا صفقة كبيرة أو صغيرة تُعقد في البلد دون رشاوى وعمولات مصاحبة لها!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *