علي محمود خاجه

بانادول

ماذا لو كان مالك شركة «بانادول» أو رئيس مجلس إدارتها أو رئيسها التنفيذي يستخدم دواء آخر إن أحس بالصداع ولم يكتفِ باستخدام دواء آخر، بل أعلن على الملأ حاجته إلى دواء غير «بانادول» للتخلص من الصداع؟
انطلقت قبل يومين فعاليات الاحتفال بالأعياد الوطنية في الكويت، وهي الفعاليات التي تستمر مدة شهر تقريباً، بشكلها الاعتيادي الدائم من حفلات موسيقية وأمسيات شعرية وبعض الأنشطة هنا وهناك، بالإضافة إلى النزوح الجماعي للكويتيين إلى الخارج بحثاً عن مصادر الفرح.
وتعتبر وزارة الإعلام الكويتية تحديداً هي الجهة الحكومية المنوطة بمعظم تلك الفعاليات، قد تشاركها وزارات أخرى في التنظيم أحياناً، إلا أن الدور الأساسي في الفعاليات الاحتفالية يقع على وزارة الإعلام.
ولمن لا يعلم فوزارة الإعلام تمتلك وتدير 8 محطات تلفزيونية و9 محطات إذاعية داخل الكويت متفوقة بالعدد على محطات واسعة الانتشار عربياً كـ«روتانا» مثلاً، وهو ما يعني في الظروف الطبيعية، مع التشديد على مسألة الظروف الطبيعية، أن وزارة الإعلام ستكون قادرة على أن تجعل كل الكويت ومن فيها على علم ودراية بمختلف الفعاليات والأنشطة التي سيشهدها شهر الاحتفالات بالأعياد الوطنية، فتنوع محطاتها التلفزيونية والإذاعية يفترض أن يكون كفيلاً بتسويق أي عمل أو فعالية ترغب الوزارة في تسويقها. إلا أننا فوجئنا بأن وزارة الإعلام خصصت ميزانية تقدر بثلاثين أو أربعين ألف دينار لإحدى الشركات الإعلامية الخاصة الناشئة لتسويق فعاليات الاحتفال بالأعياد الوطنية!
وأنا لا تعنيني هنا أبداً مسألة الشركة الإعلامية ومن المستفيد من هذه المسألة بقدر ما يعنيني عجز وزارة مسؤوليتها الأساسية التسويق والإعلام عن تأدية مهامها بشكل يجعلها تلجأ إلى شركة إعلامية ناشئة، وأكرر «ناشئة» لتسويق أنشطة وفعاليات الدولة! لماذا تصرف الدولة إذن المبالغ الطائلة لتشغيل 17 محطة إذاعية وتلفزيونية وتصرف عشرات الملايين عليها مادامت عاجزة عن القيام بأبسط أدوارها، وهو إعلام الناس بشكل فعال يحقق الهدف!
إن المشكلة لا تكمن في الثلاثين أو الأربعين ألف دينار المرصودة لتلك الشركة الناشئة، بل المشكلة كل المشكلة في عشرات الملايين التي تصرف على وزارة الإعلام دون فاعلية أو جدوى، فإن كان التسويق للدولة يتطلب اللجوء إلى شركات إعلامية خاصة في ظل عجز الوزارة عن تأدية مهامها، وإن كان المبلغ الذي يحتاج إليه التسويق هو 40 ألف دينار شهرياً فمن الأفضل أن نغلق وزارة الإعلام ونخصص 40 ألف دينار شهرياً لتلك الشركة لتسويق ما ترغب الحكومة في تسويقه، وهو ما سيجعل الميزانية الإعلامية السنوية للدولة لا تتجاوز نصف مليون دينار بدلاً من عشرات الملايين.
مزعج فعلاً أن تكون رائدة الإعلام في المنطقة بأسرها بهذا التردي والسوء الذي لا يمكن وزارة الإعلام من تأدية دورها في الإعلام.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *