علي محمود خاجه

حرية اختيار

يصدر اليوم الأربعاء 16 ديسمبر 2015 حكم المحكمة الدستورية بموضوع شغل الكويت للأسف لأكثر من 40 عاما، وهو موضوع التعليم المشترك في الجامعة، وهو الموضوع الذي انتهى الجدل القانوني فيه بإقرار قانون فصل التعليم في عام 1996، إلا أنه استمر في شغل حيز من نقاشات الرأي العام إلى يومنا هذا.
ستحسم القضية اليوم، وكم أتمنى أن تحسم باتجاه إلغاء قانون فصل التعليم لمخالفة هذا القانون باعتقادي عدداً من نصوص الدستور الصريحة، والتي تكفل المساواة وحرية الاختيار وعدم التمييز.
إن أمنيتي في أن يحسم الموضوع باتجاه إلغاء القانون لا علاقة لها أبدا بتحقيق نصر سياسي أو متاجرة بقضية، كما فعلت التيارات الدينية مع هذا الموضوع تحديداً طوال السنوات الماضية من طرحه من جانب شرعي، ومحاولة ترهيب الناس بحجة تطبيق الشريعة، وهم يعلمون تمام العلم أن قضية التعليم لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالشريعة، بل كل ما كانت تمثله لهم هو إثبات قوة وسيطرة على مجريات الساحة، وإقرار ما يرغبون فيه من قوانين واقتراحات وإن تعدت على الدستور ونصوصه وجوهره.
ولست هنا في مجال مفاضلة ما بين التعليم المشترك أو المنفصل حتى إن كان رأيي يميل إلى أفضلية التعليم المشترك لمعطيات عدة؛ كضرورة التفاعل الأكاديمي ما بين الطلاب والطالبات في المرحلة التي تسبق سوق العمل وتولي المناصب الحكومية أو الأهلية، لتمكينهم من التعاطي مع سوق العمل بشكل أفضل، وقد يرى البعض أن التعليم المنفصل أنسب، ولهم أسبابهم المنطقية غير الدينية في ذلك.
لذلك فإن الوضع السليم هو أن توفر الدولة حرية القرار والاختيار في عملية التعليم، وهو ما ينسجم مع جوهر الدستور ومحتواه، فمن يرغب أن يتعلم بشكل منفصل توفر له الدولة ذلك، ومن يرغب في التعليم المشترك توفر الدولة له ذلك أيضا، والحال نفسها تنطبق على الجامعات الأهلية، فالكل حر في اختيار ما يناسبه، والفرصة مواتية اليوم خصوصا من الجانب الحكومي لتحقيق هذا الأمر، فجامعة الكويت اليوم تجهز مبانيها الجديدة في الشدادية، وهو ما يعني أن المباني الحالية القائمة ستخلى بعد الانتقال للشدادية، وهو ما يعني إمكانية استغلالها لتوفير النظامين التعليميين ويختار الطلبة ما يناسبهم من النظامين، ونكون بذلك حققنا مكاسب عدة بالإضافة إلى الالتزام بالدستور أهمها زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعة، بل إمكانية زيادة التخصصات الدراسية التي تواكب احتياجات سوق العمل اليوم.
إن الانتصار الحقيقي لا يكون بإسقاط أو إقرار قانون، بل حتى بتوفير ما يرغب فيه المعارضون لآرائنا في حال تحقق ما نطالب به، وهو ما أتمنى أن يتحقق من خلال إسقاط قانون فصل التعليم بحكم من المحكمة الدستورية اليوم.

ضمن نطاق التغطية:
أصدر اتحاد طلبة الكويت فرع الجامعة بيانا يحمل في طياته التهديد للمحكمة الدستورية إن تعرضت لقانون فصل التعليم، وهو أمر يجب ألا يُسكت عنه، فإن من يهدد القضاء اليوم قد يتمادى في سلوكياته غير القانونية مستقبلا ما لم يعاقب قانونيا على أعماله.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *