سامي النصف

مصر بين السياحة المؤقتة والدائمة!

تنقسم السياحة التي يتبعها بشكل لصيق الاستثمار بين «سياحة مؤقتة» أو عابرة يقوم خلالها السواح بالإقامة لمدة قصيرة بالفنادق والشاليهات.. إلخ، يقابل ذلك «السياحة الدائمة» أو المقيمة، حيث يستملك السائحون وخصوصا المتقاعدين منازل يقيمون فيها طلبا للدفء أو لتقليل الضرائب وخير مثال على السياحة الدائمة إقامة الانجليز والألمان بشكل دائم في فرنسا وإسبانيا، وإقامة الفرنسيين والإسبان بشكل دائم كذلك في المغرب، ولا شك أن للسياحة الدائمة عوائد مالية أفضل وأكثر ثبوتا من عوائد السياحة المؤقتة سريعة العطب و… الهرب!

***

واشتهرت مصر ولقرون في العهود الملكية الزاهرة بوجود مئات آلاف الأوروبيين والشوام المقيمين بشكل دائم فيها، كحال الفرنسي ديلسبس الذي حفر قناة السويس والبلجيكي امبان الذي بنى مصر الجديدة واللبناني الشاب سليم تقلا مؤسس جريدة الأهرام وغيرهم، إلى أن قام النظام الثوري في الخمسينيات بتأميم ممتلكات أسرهم وأبدى العداء لهم ولأوطانهم، فتركوا مصر ليعمروا الدول الأخرى، فانهار الاقتصاد المصري بالتبعية وتحولت مصر من دولة شديدة الثراء الى بلد شديد الفقر والعوز.

***

لقد استطاع نظام الرئيس مبارك أن يطور بشكل غير مسبوق شرم الشيخ وعشرات المنتجعات الاخرى حتى ارتفع عدد السائحين الى ما يقارب 14 مليونا قبل أن تعصف بهم أحداث 2011، كما تم خلال تلك الفترة بناء ما يفوق 40 مدينة جديدة في 6 أكتوبر وطريق السويس على أجمل وأحدث طراز، حيث اشترط أن تكون 80% من المساحات خضراء وبها مسطحات مياه زرقاء وملاعب غولف وأشجار وأزهار، إلا أن الأزمات المالية والثورات جعلت أغلب تلك المدن شبه فارغة من السكان مما حولها من إضافة للاقتصاد المصري الى عالة عليه، حيث صرفت مئات المليارات على إنشائها دون مردود فتحولت الى مدن أشباح في الأغلب وخرائب 5 نجوم فتضررت مصر وأصحاب المشاريع والبنوك والملاك.

***

قد يكون الحل الأمثل للعشرات من تلك المدن الجميلة التي لا يزيد قاطنوها على 10 – 15% من مجموع الوحدات السكنية أن يتم الوصول لتفاهمات مع أصحاب المباني غير المكتملة وغير المسكونة لبيعها على الأوروبيين وغيرهم لاتخاذها مساكن دائمة لهم في مصر، حيث الشمس المشرقة أغلب العام والمناخ المعتدل والسواحل والآثار وملاعب الغولف ورخص المعيشة والطاقة (كهرباء وبنزين) أو عوائد ودائع البنوك المجزية (12.5%) وهو ما يبحث عنه المتقاعد.

***

آخر محطة:

(1) أشهر البرامج المشاهدة في التلفزيونات الأوروبية والأميركية هي برامج التسويق العقاري التي يمكن لوزارة السياحة المصرية أن تستخدمها لتسويق «السياحة الدائمة» على أرضها وعندها ستتحول تلك الأطلال شبه الخاوية الى مناجم ذهب للاقتصاد المصري!

(2) قرار دول الخليج بتسيير رحلات لشرم الشيخ لن يفيد السياحة المصرية في شيء إذا ما وصلت الطيارات خالية من الركاب، يجب أن تواكبها حملات تسويقية للمنتجعات في شرم الشيخ ونبق وحتى ذهب وطور، والأفضل تشجيع استئجار السيارات للقيادة الخاصة من المطار كالحال في أميركا وأوروبا كي لا ينحصر وجود السائح في فندقه فيمل بعد يومين أو ثلاثة، مع السيارة يمكن للسائح أن يمضي أسبوعا أو أسبوعين دون ملل!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *