سامي النصف

مصداقية الإعلام الغربي!

يضع البعض ما يأتي في الصحافة الغربية هذه الأيام بمنزلة الحقائق المجردة التي لا يأتيها الباطل من أمامها أو خلفها، والحقيقة هي أبعد ما تكون عن ذلك، فقد نشرت صحيفة «النيوزويك» الأميركية الشهيرة الاسبوع الماضي تحقيقا تساءلت فيه عن سبب انحياز الاعلام الغربي الشديد ضد العرب والخليجيين، ومن ذلك نقد ذلك الإعلام لأحكام الإعدام التي تصدر في السعودية (أحكام الإعدام توجد في أميركا) رغم أن عددها لم يتجاوز 175 حالة خلال عام كامل، بينما غض نفس الاعلام النظر عن إحدى دول المنطقة التي أعدمت 700 حالة خلال 6 أشهر، وتستمر الصحيفة في المقارنة بين متشابهات حدثت في دول عربية ودول غير عربية في الاقليم، تعرضت الاولى للتغطية والنقد الشديد، والثانية للصمت المطبق!

***

في عام 2007 قام العشرات من دكاترة بعض الجامعات الأميركية وطلبتهم بعملية رصد دقيقة لما نشر وغطي في الصحافة الأميركية والغربية خلال عامي 2005 و2006، واكتشف خلالها كما صدر في كتاب لاحق، أن وسائل الإعلام منعت وتكتمت على أخبار تضر بمصالح الشركات الكبرى مثل أن شركة ديك تشيني كانت تبيع في السر التكنولوجيا الذرية لإحدى دول المنطقة التي تدعو في العلن لمقاطعتها، كما أن شركة رامسفيلد «جيليد ساينز» قد تكون هي من اخترعت هلع إنفلونزا الطيور لبيع لقاحات محاربته التي تصنعها، وان حروب الكونغو آنذاك التي قتلت 7 ملايين بوحشية بالغة لم تكن في حقيقتها لأسباب سياسية أو عرقية كما تروجه الصحف، بل لاستحواذ الشركات الكبرى على الثروات الطبيعية مثل الماس والقصدير والنحاس والذهب، والأهم لمعدني الكولتان والنيوبيوم اللازمين لصناعة الهواتف النقالة.

***

وتمتد قائمة ممنوعات الإعلام الغربي، التي تعكس الانحياز لمصالح الشركات والمؤسسات الكبرى الى عدم التطرق لحقيقة ان البنك الدولي هو من مول الجدار العازل بالضفة الغربية، وعدم ذكر عدد الضحايا المدنيين للغارات الجوية في العراق، وتعذيب المعتقلين حتى الموت في أفغانستان، وخطأ إجراءات الصندوق الدولي في العراق، والذي أدى الى تدميره اقتصاديا، والأخطار الحقيقية للأغذية المعدلة وراثيا، والمبيدات الزراعية الشائعة، وبعض تقارير أسباب سقوط أبراج نيويورك، وتدمير غابات الأمازون، وصناعة فرق الموت التي نقلت من أميركا اللاتينية الى بعض دول الشرق الأوسط، وصمت الصليب الأحمر عن كثير من الجرائم ضد الإنسانية التي يرقبها.. إلخ.

***

آخر محطة: يرصد ذلك التقرير أن هناك دائما تقارير تافهة يتم تعمد نشرها، وإلهاء الناس بها، كزواج بعض الفنانين، والجرائم الفردية، للتغطية على أخبار خطيرة تحدث في الوقت ذاته يراد لها أن تمر دون أن ينتبه إليها أحد!

..وأمجاد يا غرب أمجاد!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *