غنيم الزعبي

خذلوني قبلك يا صديقي لا تتوقع منهم الكثير

كنت أمشي في أحد أروقة جريدة “القبس” الكويتية حين لمحت وجهه، كان يجلس على مكتب متواضع قريب من الممر. لم أر في حياتي أحزن من ذلك الوجه. إنه ناجي العلي رسام الكاريكاتير الفلسطيني الذي يعد من أفضل من رسم الكاريكاتير في الوطن العربي، وحملت جميع رسوماته رسائل سياسية أغلبها عن قضية فلسطين، واخترع في أواخر حياته شخصية “حنظلة” وهو طفل فلسطيني كان يضعه في جميع رسوماته؛ صامتا ومراقبا أو مشاركا فاعلا في موضوع اللوحة.

مات ناجي العلي ولم يحصل “حنظلة” على وطن، بل ما زال مشردا من مرفأ إلى مرفأ، هذا إذا لم يتم إكرامه برصاصة رحمة من إحدى المنظمات الثورية كما حصل لمخترعه ناجي العلي. تذكرت حنظلة عندما شاهدت صورة الطفل السوري المستلقي جثة هامدة على أحد شواطئ تركيا، وتذكرت الشهرة التي حصل عليها حنظلة والتعاطف الذي ناله من أمته العربية، وقارنتها بالموج الهائل لصور ذلك الطفل السوري التي اجتاحت وسائل التواصل الاجتماعي العربية، وكلمات التعاطف التي رافقتها. خذلنا حنظلة 60 سنة ومع الأسف سنخذل ذلك الرضيع السوري حتى لو امتدت مأساته 60 سنة قادمة.

بلغ بنا العجز أننا حتى لم نرسل وفودا من جمعيات الهلال الأحمر العربية للتواجد في مناطق وصول اللاجئين لإغاثتهم ببطانية دافئة تخفف بللهم، أو بوجبة ساخنة تسد رمقهم بعد أيام طويلة وعصيبة في البحر، أو حتى بغذاء لأطفالهم الرضع الذين لا تتحمل أجسامهم الضعيفة أهوال تلك الرحلة.

المطلوب عقد اجتماع طارئ لجمعيات الهلال الأحمر العربية لبحث كيفية إغاثة اللاجئين العرب الذين يتدفقون بالآلاف على شواطئ أوروبا ويفترشون أرضيات محطات القطار فيها. الشعب السوري شعب كريم وعزيز جارت عليه الأيام ولا يستحق ما يحصل له بل يستحق فزعتنا وعوننا. فلتبادر جمعية الهلال الأحمر الكويتية ورئيسها هلال الساير بتلك الدعوة، ولتكن عاجلة، فنحن على بعد أسابيع من فصل الشتاء حيث ستكون الأوضاع أكثر سوءا من الحاصلة حاليا.

نقطة أخيرة: كإجراء عاجل بالإمكان مراسلة جمعيات الصليب الأحمر في الدول التي يتواجد فيها اللاجئون، وتقديم دعم مادي لها لكي تتوفر لها إمكانيات أكبر ويكون لها دافع أكبر لإغاثة أولئك اللاجئين.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

غنيم الزعبي

مهندس وكاتب
twitter: @ghunaimalzu3by

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *