احمد الصراف

أحمد شاملو

الحقد الجديد على إيران أنسى الكثيرين كل عداواتهم الأخرى في المنطقة، هكذا نحن!
وكان لا بد أن نطالب بـ«تهدئة الرمي»، بكتابة شيء عن إيران الأخرى.
يعتبر الأديب والشاعر المجدد أحمد شاملو، «سياب» إيران. فقد عرف بدوره في تجديد الشعر الفارسي، وأول من كسر أوزانه القديمة المعروفة بـ «الفراهيدي». ولكنه تطور ومع الوقت أصبح شعره بمستوى النتاج الأدبي لشعراء أكبر وأكثر شهرة.

ولد شاملو في طهران عام 1925 وتوفي عن 75 عاما، تاركا ثروة من دواوين الشعر والتراجم والأبحاث، هذا غير نشاطه الصحافي. وعلى الرغم من تواضع تحصيله العلمي فإن لغته الأدبية كانت فاخرة ولا تقل في مستواها عن لغة أدونيس ودرويش.
تعرض شاملو للسجن إبان الحرب العالمية الثانية لتعاطفه مع النازية، شأنه شأن الكثير من مثقفي إيران حينها، ربما بسبب خرافة انحدارهم والألمان من النسل الآري. ولكنه عاد لوعيه بعدها، وأصبح اكثر إنسانية وتعاطفا مع الشعوب المضطهدة، ومعارضا للأنظمة الاستبدادية، ولكنه ظل على يساريته، وزادت ميوله الديموقراطية، وعرضه ذلك لتعسف سافاك الشاه، وغلاة المتدينين بعدها، وقصيدته التالية تصب في هذا الاتجاه.
عارض شاملو نظام الشاه، وتغنى بقصائده بنضال الشعب، وبمن استشهدوا في السجون أو ماتوا في التظاهرات.
اشتهر شاملو كشاعر له وزنه من خلال دواوينه الشعرية وأهمها «بستان المرائي» و«أيدا في المرآة»، و«أيدا» هي الأرمنية التي أحبها في الستينات، بعد طلاقه، حيث بقي وهج حبها في قلبه، ملهمة له، حتى مماته. كما اشتهر بانتقاداته اللاذعة لكبار شعراء إيران مثل سعدي الشيرازي، بسبب مواقفه من المرأة، والفردوسي، لمغالطاته التاريخية، الأمر الذي أثار سخط القوميين الفرس عليه، إضافة لمواقفه الإيجابية من حقوق الشعوب الإيرانية غير الفارسية. وكانت الثورة الخمينية قد منعت نشر كتبه، إلا أن الرئيس السابق خاتمي أفرج عنها تاليا.
تعتبر قصيدة «كباب الكناري»، التي ترجمتها ناهيد روحاني، باقتدار، والتي يصعب نشرها، من اجمل قصائد شاملو في محاربة الطغاة. وقد وجدنا أن ترجمة الأستاذة الأميركية حنان حماد، أكثر قابلية للنشر، حيث تقول ابياتها:
يتشممون فمك
فقد تكون قلت أحبك
يتشممون قلبك
إنه زمن غريب يا عزيزي
على متاريس الطرقات
يجلدون الحب بالسياط
فلا بد للحب أن يورى المخابئ
في هذا الطريق المسدود ملتوي البرودة
يشعلون نارا
وقودها الشعر والأغنيات
لا تعرض نفسك لخطر التفكير
إنه زمن غريب يا عزيزي
هذا الذي جاء يقتحم الأبواب ليلا
قد جاء ليقتل المصباح
لا بد للنور أن يورى المخابئ
إنهم قصّابون، على معابر الطرقات مستقرون
معهم الهراوات والسواطير الدامية
إنه زمن غريب يا عزيزي
يستأصلون البسمة من الشفاه، والنغمة من الأفواه
فلا بد للشوق أن يورى المخابئ
يشوون طيور الكناري على حرائق السوسن والياسمين
إنه زمن غريب يا عزيزي
إبليس يجلس منتصرا ثملا
على ولائم جنازاتنا
لا بد للرب أن يورى المخابئ.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

احمد الصراف

إدارة الإعمال – جامعة الدول العربية – بيروت 1974 / الدراسات المصرفية والتدريب في بنك باركليز – لندن 1968 / البنك الوطني في فيلادلفيا – فيلادلفيا 1978 / الإدارة المصرفية – كلية وارتون – فيلادلفيا 1978
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *