عبدالوهاب جابر جمال

الحرية بين المنطق الاسلامي والغربي

إن الحرية أمر فطري في الإنسان ، والانسان بطبعة يهوى الحرية ويسعى لتحقيقها ، وقد أقر الإسلام الحرية للفرد والمجتمع ، ووضع لها حدود وكانت دعوة رسول لله صلى الله عليه واله وسلم برفع القيود وتحرير رقاب “العبيد” في بداية الدعوة الاسلامية امراً يصب في عمق الحرية .

والمتتبع لمفهوم الحرية يعلم ان الحرية تختلف بين الحرية في المنطق الاسلامي والحرية في المنطق الغربي الليبرالي ، فالحرية في المفهوم الغربي ومنذ نشأتها في فرنسا ثم في اوربا ثم انتشارها في العالم مروراً بالثورة الفرنسية وحروب الاستقلال الأمريكية الى يومنا هذا قد أظهر الغرب لها عدة تفاسير “ناقصة” ومازالوا يعانون من مشكلة في تقديم فلسفة الحرية ولماذا يجب ان يكون البشر احراراً والحد الاقصى الذي بلغوه هو ان الحرية حق انساني !

اما في الاسلام فالحرية ذات جذور الهية ، فالاسلام يضع الحرية على سكة التكليف ، بل أساساً الناس أحراراً لأنهم مكلفون بعبادة الله لا عبادة الشهوات، والحرية أعطيت للإنسان من أجل التكامل ، فالإنسان اذا اتبع هواه سيصبح اسيراً في سجن الحرص والطمع والشهوات الدنيوية مثلاً وان اتبع الله عز وجل فهو حر والإنسان الحر لا يفكر ولا يتعلق بشيئ سوى الله تعالى، كما ويذهب الإسلام الى اعتبار اي تحرك مناهض للحرية بمثابة انه تحرك مضاد لظاهرة الهية (اي ان المسلم لو حارب الحرية فقد حارب ظاهرة الهية) والحرية حق اسمى بكثير من سائر الحقوق كحق الحياة وحق العيش وغيره ، كما يعتبر المواجهة من اجل الحرية تكليف شرعي من أجل امر الهي ، ويعتبر الإسلام ان شهر رمضان المبارك ما هو الا شهر التحرر من القيود الفولاذية التي صنعها الانسان بنفسه .

والواقع يثبت للجميع ان الغرب الليبرالي يتخذ من الحرية شعاراً خاوياً دون تطبيق و يستخدمه لما يناسب سياساتهم فقط ، فهم يتغنون بالحرية ( اللا محدودة ) ، لكنهم والتاريخ يشهد يقومون بقمع كل من يتظاهر ضدهم أو خلافاً لهواهم وسياساتهم ، فحادثتي قمع المتظاهرين في “وول ستريت” والممارسات القمعية من قبل الشرطة الامريكية ضد “السود” في مدينة “فيرغسون” الامريكية بعد خروجهم استنكاراً لقتل الشاب “مايكل براون” بستة رصاصات عنصرية ليست عنا ببعيدة ، فهل هذه هي الحرية التي يدعون لها !!

فبإختصار ، إن الحرية في الإسلام تختلف عن الحرية في النظام المادي الغربي لأن الحرية في الإسلام تبدأ بعبادة الله وخشيته وتنتهي بالتحرر من قيود الدنيا و زينتها وزخرفها ، فقد روي عن امير المؤمنين الامام علي عليه السلام ( من ترك الشهوات كان حراً) ، اما الحرية المادية فهي تبدأ بشعارات التحرر وتنتهي بعبادة الشهوات والاهواء وحب الدنيا والتعلق بها وهذا بحد ذاته سجن للنفس .

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *