محمد الوشيحي

حقيبتي… نصيبي من الغنائم

قبل الحكم على ضمير الأمة، مسلم البراك، بالسجن، وأثناء جلسة جمعتني بصديق، سألني: ماذا لو عاد الزمن بك إلى الوراء، هل كنت ستمشي على خط سيرك الذي مشيت عليه، أم سترضخ للواقع؟ بسرعة أجبته: سأشرح لك ما كنت سأفعله…

كنت سأنضم إلى تيار ديني، وأظهر أمام الناس بمظهر التقي الورع الزاهد العابد، وسأتقدم بترشيح نفسي للانتخابات، وبعد نجاحي سأُخرج لساني لزملائي قبل أن أخرجه للناخبين، وسأستميت في الدفاع عن الحكومة، وعن تفرد السلطة بالقرار، وسأستغل فصاحتي وقدرتي على التبرير في خدمة السلطة، ظاهرياً، وخدمة أهدافي، واقعياً. وسأسكت عن كل فساد السلطة الظاهر للعيان، وسأركز جهودي في مهاجمة المعارضة، وتشويهها…

ثم سأساوم الحكومة، وسأعلن ترشيح نفسي لرئاسة البرلمان، حتى وإن حذرني بسطاء التفكير من الفشل، واستحالة حصولي على مقعد الرئاسة. هؤلاء سذج لا يعرفون من أين تؤكل الهبرة، لا يعرفون المساومة، ولا يجيدون اللعب بأوراق التعويض، ولم يسمعوا عن “بدل الزعل”، ولا يرون أبعد من أنوفهم وأجفانهم المترهلة.

سأساوم الحكومة، وسأعقد الحاجبينِ على الجبين اللجينِ، وسأمط “بوزي” مطاً مبيناً، إلى أقصى مدى، حتى تتم ترضيتي بحقيبة وزارية، ومش أي حقيبة، لن أقبل إلا بحقيبة المالية أو النفط أو ما شابههما من الوزارات “المربربة”.

فإن “ربحتُ” وزارة النفط، على سبيل المثال، فسأنشئ شركات نفطية مع بعض الأصدقاء والمعارف، وسأتقدم، من خلالهم، لبعض المشاريع التي تنقلني إلى مصاف كبار الأثرياء، وفي حال اعترضت طريقي مجموعة من القيادات النفطية، سأقوم بلا تردد، وبدون تنسيق مع حكومتي، باستبدالهم بمن “أثق به”. وسأهرب بالحقيبة الوزارية إلى مكان مظلم، وسأتصرف.

ولن يلومني أحد من أصحاب القرار، لأنني لم ألُم أحداً منهم، رغم كل ما فعلوه. ثم إن هذا نصيبي من الغنائم، وحقي الذي حصلت عليه بعد جهود لسنوات وسنوات، وارجعوا إلى أرشيفي لتروا كم كنت مستميتاً في الهجوم على المعارضة. ومنهجنا في الكويت، كما تعلم، بسيط جداً؛ “قل إنك مع السلطة، وافعل ما بدا لك في الأموال العامة”، وهذا ما حدث معي بالضبط. ولا تنسَ أن الغالبية العظمى من المسؤولين تنهب، فلماذا تتوقف حفلة النهب عندما وصل دوري؟

هذا ما كنت سأفعله لو عاد بي الزمن إلى الوراء، حتى لو احتقرت نفسي، واحتقرني كل شريف، فأنا على الأقل لست من النواب الذين يقبلون برشوة لا تسمن ولا تغني من جوع، ويعيشون على الهامش، فاللصوص مقامات يا عزيزي.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *