عبدالله النيباري

هل ستنجح قمة كامب ديفيد في طمأنة دول الخليج؟

يفترض أن تعقد اليوم قمة كامب ديفيد للمباحثات بين الرئيس أوباما وقادة مجلس التعاون، لبحث تداعيات اتفاق إيران النووي، ولكن هذه القمة التي انشغلت وسائل الإعلام بالحديث عنها طوال الأسابيع الماضية، قمة ناقصة لن يحضرها على مستوى الرؤساء إلا صاحب السمو أمير الكويت، وربما أمير قطر، أما البقية، فغياب الرؤساء فُسِّر بأنه إما لأسباب صحية، كما هي حال عُمان والإمارات، وإما لعدم الرضا، وقد أعطي السبب الرسمي لغياب خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز لانشغاله بمتابعة الهدنة في اليمن التي يُفترَض أنها بدأت أمس.
لكن التحليلات فسّرت هذا الغياب بأنه توبيخ للرئيس أوباما، لعدم اتخاذه مواقف حازمة وصارمة في مواجهة إيران بالمنطقة، سواء بالتواجد الفعلي أو بواسطة الوكلاء.
تتحدث التقارير أن أوباما سيؤكد طمأنته لدول الخليج بضمانات لحماية أمنها من أي اعتداء خارجي عبر التوصل إلى ترتيبات أمنية من دون أن تصل إلى مرتبة حلف الأطلسي، لأن ذلك يحتاج إلى موافقة الكونغرس، بالإضافة إلى دعم قدراتها الدفاعية، ببيع أسلحة متطورة لا تصل إلى مستوى ما توفره لإسرائيل.
وفي نفس الوقت سيشرح لهذه الدول أن الاتفاق النووي لمصلحة المنطقة، لأن الخيارات الأخرى؛ إما لا اتفاق، وهو ما سيسمح لإيران بالمضي في تصنيع سلاح نووي، أو أن تلجأ الولايات المتحدة وإسرائيل إلى استخدام القوة لوقف برنامج إيران النووي، ومع ما يحيط هذا الخيار من مخاوف إلا أنه لن يفلح أيضاً إلا في تأخير البرنامج بضع سنوات، ولن يمنع إيران من مواصلته، لأنها تملك المعرفة.

هاجس مجلس التعاون

القضية المهمة بالنسبة لدول مجلس التعاون هي التمدد الإيراني في المنطقة، وهذه مسألة تعتمد، إلى حد كبير، على التنافس أو الصراع بين القوى المتشددة والقوة المعتدلة في إيران.
يقول الكاتب ديفيد اجنابفوس في الـ”واشنطن بوست” إن هنالك بصيصاً من الأمل، بناء على مقابلته الصحافية مع وزير الخارجية جواد ظريف، الذي بدا متحمساً لإنهاء الاتفاق النووي في الموعد المحدد في شهر يونيو المقبل، وفي نفس الوقت يطرح ظريف مقترحاً للتفاهم مع دول مجلس التعاون وعلى رأسها السعودية، للتفاهم على حلول عبر التفاوض تؤدي إلى استقرار في المنطقة، فعلى سبيل المثال يقترح مؤتمراً حوارياً لأزمة اليمن تشارك فيه إيران، للتوصل إلى صيغة بين الأطراف اليمنية ترضي كل الأطراف.
طبعاً هذا يتطلب أن تضغط إيران على وكلائها الحوثيين في اليمن، وكذلك ربما في سورية، ولكن يقول الأميركيون إنهم حتى الآن لا يرون دلائل مقنعة لنجاح مثل هذا النهج، وما يزيد من تصعيد المخاوف، التصريحات الاستفزازية الصادرة من الأجنحة المتشددة في إيران، وآخرها تصريح جعفري حول اكتمال الطوق الشيعي في المنطقة من العراق إلى سورية ولبنان وأخيراً في اليمن، وقبل ذلك تصريحات عن أن اليمن يعتبر قضية أمنية بالنسبة لإيران، والحديث عن أن بغداد عاصمة الإمبراطورية الإيرانية، وأن إيران تسيطر على أربع عواصم عربية… مثل هذه التصريحات لا تمهد للدخول في مباحثات لتحقيق الاستقرار والأمن لكل الأطراف في المنطقة.

العبور إلى التفاوض

بيان مجلس التعاون في قمة الرياض الأخيرة تحدث عن بناء علاقات طبيعية وحسن جوار مع إيران، وعن التعاون لاستقرار الأمن، لكن ذلك، كما يبدو، مرهون بحصول تغيرات في الميدان، وأهمها تقلص نفوذ وكلائها في المنطقة، ويرى بعض المراقبين أن نجاح قوى المعارضة في سورية في تحقيق انتصارات ضد قوى النظام، والتي اعترف بشار الأسد بخسائر جيشه فيها، وكذلك خسائر الحوثيين في اليمن، والخسائر التي يتكبدها “حزب الله” في سورية وتداعيات تدخله على الوضع في لبنان، تشكل تغيرات يمكن لها إذا تنامت أن تؤدي إلى تبدل في الموقف الإيراني لمصلحة قوى الاعتدال هناك، وإلى أن تصل المنطقة إلى العبور للتفاوض والتفاهم لتحقيق الاستقرار ستبقى الأوضاع في حالة توتر واضطراب ومزيد من القلق، قد تكون قمة كامب ديفيد تمهيداً للتوصل إلى تفاهمات حول استراتيجية متوسطة المدى تطمئن دول مجلس التعاون والمنطقة العربية.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *