عبدالوهاب النصف

العبرة غايبة

وردت قصص الأنبياء في القرآن الكريم للاتعاظ والعبرة، كما أن كل حضارة تزدهر لابد لها من ماضٍ اتعظت به، وتم البناء عليه لخلق مستقبل يشرق نهاره من عتمة ماضيه، والخطأ زائد خطأ لا يساوي صواباً.

في الكويت اليوم اختلاف بيزنطي حول قضايا كثيرة، ولكن المسلَّمة التي تكاد تكون الوحيدة في هذا الاختلاف، هي ضياع هيبة القانون، وتفشي الواسطات، وتعزيز التقسيم الطائفي، والقبلي، وترسيخ الفئوية، حيث إن لم يشعر الانسان بأن هناك مبدأً ثابثاً يسير عليه الجميع، فمن الطبيعي أن يبحث عن مُجسم آخر يحميه ويحفظ له حقوقه، ما يعزز دور الجماعات على حساب الوطن، فيزيد الانتماء للجماعة لا للوطن.

أصبحت الكويت اليوم بمنزلة تقاطع كل الإشارات فيه خضراء، وهذا ما ذهب إليه الاعلامي السعودي عبدالرحمن الراشد في مقاله مؤخراً، الذي جاء بعنوان «دشتي والسعودية»، حيث استوقفني في مقاله تلك العبارة: «بكل أسف غلب على المجتمع الكويتي في العقد الأخير التكتل القبلي والطائفي، بعد أن كان التنافس في الماضي بين المرشحين على مواقف قومية، أو إصلاحية، أو دستورية، أو خدمية». صدق الأستاذ عبدالرحمن، فالكويت في حالة «سقوط حُر» مع كل أزمة نتمنى أن نصل إلى قاعه.
***

هذا المقال يصلح للنشر، قبل عشرين سنة ويصلح النشر اليوم، فالمشكلة لم تحل، ولا أتمنى أن تبقى صلاحيته لعشرين سنة مقبلة، ولكن من أهم الدوافع التي جعلتني أتحدث عن هذا الموضوع اليوم بالتحديد هو التوجه الجديد للمملكة العربية السعودية، في الإعفاءات التي أصدرها الملك سلمان منذ توليه الحكم، إعفاء وزير الصحة أحمد الخطيب، بعد انتشار مقطع له في مشادة مع أحد المراجعين، تلاه إعفاء الطبيشي رئيس المراسم الملكية الذي قام بصفع مصور، وسبقهم نفي أميرين اثنين من المملكة.

الحقيقة أننا يجب ألا ننتظر أن ينشر مقطع لوزير يرد بغطرسة على مراجع، أو لقيادي يصفع مصوراً، لكننا نحتاج المنهج فقط، مروج الفتن يجول في فنادق شرق آسيا، والحرامي يقطن القصور، وكلاهما يملك إعلام خمس نجوم، وهذه رسالة تُفهم على أن من أراد أن يسرق أو يلقي بذور الفتن فأرض الكويت خصبة له، وفي ظل غياب دولة القانون سنصل إلى ما لا يُحمد عقباه.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *