باسل الجاسر

الغرب ودموع التماسيح

الغرب في قيادة أميركا لطالما ذرف دموع التماسيح على المهاجرين غير الشرعيين القادمين من الضفة الأفريقية، فعندما كان شمال أفريقيا مستقرا وكان المهاجرون يأتون من وسط أفريقيا، كان الغرب في اجتماعات الدول المطلة على المتوسط يعد ويتعهد بإقامة المشاريع التنموية في وسط وشمال أفريقيا لإيجاد فرص العمل والعيش الكريم، عندما كانت الهجرة في أقل مستوياتها ولكنهم وبدل المشاريع التنموية التي وعدوا بها أرسلوا الربيع الماسوني، الذي أطاح بالأمن والاستقرار في دول الضفة الأفريقية وفي سورية، فصارت ليبيا مقصد الشعوب التي ضرب فيها الربيع فزادوا على مهاجري وسط أفريقيا مهاجري شمالها وجوارها من آسيا وخصوصا سورية.

وزادت شبكات التهريب برعاية ميليشيا فجر ليبيا المتمردة على الشرعية في ليبيا، التي تأتي بسفن متهالكة أو بالأحرى انتهى عمرها الافتراضي لتملأها بالمهاجرين وتحمل بضعف حمولتها، حيث تكلف الرحلة في هذه السفن منتهية الصلاحية ما لا يقل عن 1000 دولار لشخص، فصارت تجارة تمول إرهاب هذه المليشيا التي لا تتورع عن المتاجرة بأي شيء لتمويل إرهابها بالرغم من أنها ترفع شعار الإسلام وهو منها ومن ممارساتها براء.

المهم أن الغرب عندما زادت الهجرة إليه ومن كل أصقاع الأرض انطلاقا من الساحل الليبي، وتوعدت داعش بإرسال نصف مليون مهاجر من ليبيا، وزيادة الغرقى من المهاجرين، وغرق سفينة محملة بأكثر من 700 مهاجر منهم أطفال ونساء وكثر مؤخرا، هي أكبر وآخر تجليات معضلة المهاجرين، وهي ما علم عنها العالم ولكن ما خفي أعظم على اعتبار أن هذه الرحلات تحاط بأقصى درجات السرية، فتنادى الغرب لاجتماع عاجل في لكسمبورغ انتهى بزيادة الرقابة الأمنية على الساحل الليبي الواسع.

يأتي هذا على الرغم من أنهم اعترفوا بالحكومة الشرعية في ليبيا التي انبثقت عن المجلس التشريعي الذي انتخبه الشعب الليبي في انتخابات شفافة ونزيهة، إلا أنهم يحظرون على جيشها الذي يجاهد لاستعادة الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب وقواه التي يأتي في مقدمتها فجر ليبيا بقيادة الإخوان المسلمين فرع ليبيا الذين بعد أن خسروا الانتخابات ولفظهم الشعب الليبي، انقلبوا على نتائج الانتخابات واحتلوا طرابلس العاصمة واحتلوا بنغازي لمنع البرلمان الجديد من الاجتماع، إلا أنه اجتمع ومازال يجتمع في مدينة طبرق الليبية وجمع شتات الليبيين، وها هو الجيش الوطني يحرر بنغازي وحرر أجزاء مهمة من طرابلس العاصمة وأهمها العزيزة مقر الرئيس السابق القذافي.

وبدلا من أن يقوم الغرب بدعم الحكومة الفتية لاستعادة الأمن والاستقرار وتأمين السواحل الليبية، مازالوا يمنعون السلاح عن جيشها الوطني، ويدعمون ميليشيا فجر ليبيا الانقلابية في المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة عبر ممثل الأمين العام برنارندينو ليون، وتحت الضغط الدولي الشديد قبل المجلس النيابي الشرعي والحكومة بإشراك فجر ليبيا بالحكومة وهم من دون صفة قانونية؟

ومازالت الضغوط مستمرة لإشراك هذه المليشيات المتمردة في السلطة التشريعية ولكن عبر الضغط الدولي والإجبار وليس عبر الانتخابات والواقع أن حكومات الغرب باتت قراراتهم متضاربة بين تحقيق مصالح شعوبهم، وتحقيق مصالح المحفل الماسوني، ما ولد صورا من التناقض بين ما يعلنون عن محاربتهم للإرهاب، ولكنهم يدعمون الإرهابيين خلف الستار أحيانا وعلى الملأ أحيانا أخرى، فالاتحاد الأوروبي يريد تأمين السواحل الليبية ومنع الهجرة غير الشرعية التي ترعاها مليشيا فجر ليبيا، بينما يدعمها بكل قوة ليون على طاولة المفاوضات بمخالفة الحق والقانون الدولي العام والخاص والمنطق السوي.

ما يثير التساؤلات التي أبرزها إلى متى سيستمر دعم الغرب للإرهابيين وهو ما سيزيد الهجرة غير الشرعية؟ وهو ما يجعل دموع الغرب على الغرقى وضحايا الإرهاب هي بالفعل دموع تماسيح.. والى متى سيستمر العرب في إهمال ليبيا وحكومتها وجيشها وتركهم يواجهون الإرهاب والإهابيين منفردين؟

«اللهم إلا من بعض الدعم البسيط من خلف الستار».

فالإرهاب إن ظفر في ليبيا فإنها ستكون الخزان العظيم لتمويل الإرهاب بالشرق وشمال أفريقيا ماليا وبشريا..؟

فهل من مدكر..؟

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *