باسل الجاسر

الحذر الحذر من أميركا أوباما

حوار الرئيس الأميركي باراك أوباما مع الصحافي الشهير توماس فريدمان كان خطيرا جدا وكشف عن نوايا، إذا احسنا النية فيها، فإنها تكشف عن خطأ إستراتيجي جسيم وعميق في نظرة أميركا لقضايا الشرق الأوسط في أكثر من قضية رئيسية يضعها الشعب والحكومة الأميركية على رأس سلم أولوياتهم وأهمها الإرهاب وهي التي سأتناولها اليوم.

أما إن أخذنا الحديث بما لدينا ورأينا من ممارسات السيد اوباما في حماية داعش الذي أعلنت أميركا الحرب عليه في العراق وسورية، ولكنه منذ ذلك الإعلان تمدد وكبر وانتشر في أوج حرب أميركا عليها، واضمحل عندما قامت الحكومة العراقية والدول العربية التي انضوت تحت لواء التحالف الدولي الذي قادته أميركا بإقصاء أميركا عن خططهم وما ينوون القيام به ناهيك عما نراه من حليفتها تركيا من دعم يكاد يكون معلنا لداعش، أضف إلى هذا وذاك ما رأيناه وشكا منه الكثيرون من أعضاء الكونغرس الأميركي من كثرة مستشاري الرئيس أوباما من المنتمين لجماعة الإخوان المسلمين فإننا نكون أمام عملية استكمال لمخطط المحفل الماسوني بعد فشل ربيعهم العربي.

وقد تجلى هذا عندما قال أوباما وأكد أن أكبر خطر يتهدد دول الخليج ليس التعرض لهجوم محتمل من إيران، وإنما السخط داخل بلادهم بما في ذلك سخط الشبان الغاضبين والعاطلين والإحساس بعدم وجود مخرج سياسي لمظالمهم، ومع تقديم دعم عسكري ينبغي على الولايات المتحدة أن تتساءل «كيف يمكننا تعزيز الحياة السياسية في هذه البلاد حتى يشعر الشبان بأنهم لديهم شيء آخر يختارونه غير «تنظيم الدولة الإسلامية».

فإن كانت البطالة والغضب وعدم وجود مخرج سياسي لمظالم الشباب هي ما تجعلهم يختارون الانضمام لداعش كما ترى الحكومة الأميركية عبر رئيسها، فهذا يدفعني لسؤال الرئيس أوباما وحكومته وحزبه الديمقراطي: ماذا عن آلاف الشباب والشابات الأميركان والأوروبيون من أصول إسلامية وغيرهم من الأصول المسيحية لقطع آلاف الاميال للالتحاق بداعش؟ ثم وهل داعش واحة ديموقراطية وبيئة عمل ورضا للملتحقين بها؟ وهل نفهم من حديثه هذا تعظيم لداعش وتحريض للشباب الغاضبين للالتحاق بداعش «أي دعاية»؟ وهل ننتظر أو نستعد نحن أبناء الخليج العربي تلقي هدية من أميركا بصورة أحداث ظاهرها المطالبة بالعدالة والحرية والديمقراطية وباطنها أو بالأحرى نتيجتها القتال والفقر والتشرد كما أهدت أميركا الكثيرين من حلفائها في الشرق الأوسط؟

ظل أوباما الذي اعلن الحرب على الارهاب ومنذ ذلك الإعلان عن الحرب ضده وداعش يتمدد في سورية ومصر وليبيا وتونس وهاهو أوباما يدفع شبابنا باستغلال بعض مشاكله، وكأنه يقول لهم الحل في الانضمام لداعش فهي الملاذ لما تعانون من انسداد الأمل في حل مشاكلهم.. وأتوجه لشعوب الخليج العربي بضرورة الانتباه والحذر من هذه الدعوات المشبوهة التي يسوّق لها أوباما، فقد تمت تجربتها في تونس ومصر وسورية عن الحرية والعدالة والرخاء فلم تر الشعوب إلا المزيد من القمع والظلم والفقر على يد الإخوان، وأنقذ الله تونس ومصر وسقطت سورية في براثن التمزق والقتال والتشريد الذي ارادوا ان يوقعوا مصر وتونس فيه.. وهاهم يدفعوننا للوقوع فيه…فهل من مدكر..؟

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *