إبراهيم المليفي

سوق الكتاب… ربيع ثقافي

سوق للكتاب في الكويت، أول من نبهني إلى هذه الفكرة هو الناشر السابق الأستاذ أحمد الديين عندما كنت أتحدث معه في قضايا أزمة القراءة، وكساد سوق الكتب، ودور مشروع سوق الكتاب في إنعاش عالم الكتاب والنشر، وتنشيط الحركة الثقافية بشكل عام.

فكرة سوق الكتاب تتلخص في بناء سوق متخصص لبيع سلعة محددة هي الكتاب، وكل ما يتصل به من مستلزمات، وكما توجد أسواق متخصصة لبيع اللحم والسمك والسلاح والدهن والجت والفقع (الكمأة) والقماش والعملات… إلخ يمكن خلق سوق للكتب تباع فيه السلعة الأساسية وهي الكتاب، وإلى جانبها الأقلام والقرطاسية والخرائط وبقية أفراد العائلة (المكتبية)، ومعها مقاه ومواقع تصلح لحفلات توقيع الكتب، وعقد الأمسيات الشعرية والغنائية وغيرها من الأنشطة المصاحبة.
ولو نظرنا إلى سوق الكتاب من زوايا أخرى لوجدنا أنه معرض دائم للكتاب مفتوح طوال أيام السنة، وليس فقط خلال فترة معرض الكتاب، وهو ما سيجعل دور النشر العربية المتميزة تحرص إما على فتح فرع لها في نقطة البيع الساخنة الجديدة وهي سوق الكتاب، أو توكيل دار نشر محلية لبيع منشوراتها نيابة عنها، وهو ما سيعزز من فرص الحياة والصمود لدور النشر الكويتية خصوصا الجديدة منها.

إن هذه الفكرة لا تتوقف عند هذا الحد، فلقد سبق لنا أن تحدثنا كثيرا عن أهمية دعم الدولة لمنابع الثقافة الجادة، وهذه الفكرة تحديدا تمثل أحد أبرز أشكال الدعم الرسمي المحمود الذي يخلق بيئة مشبعة بالإيجابية، وهنا نسأل ما الذي ستخسره الدولة عندما تخصص موقعا مناسبا شبيها بإكسبو الشارقة، أو أي موقع جاهز يصلح أن يكون مثله، وتبني فيه عشرات المحال، وتدعو أصحاب دور النشر والمكتبات الكويتية للتأجير فيه بمبالغ رمزية؟ ما الذي سنخسره لو دعونا في مرحلة لاحقة أفضل دور النشر العربية والأجنبية لكي تفتتح فرعاً لها في سوق الكتاب؟

إن الكويت بما تمتلكه من رصيد ومكانة ثقافية على الصعيد العربي قادرة على أن تكون “مركزاً ثقافياً” عربيا يشار إليه بالبنان إن تمكنت من توطين صناعة الكتاب لديها، نشرا وطباعة وتوزيعا، وهذا الأمر قد يبدو بعيد المنال، ولكننا لو استثمرنا رصيد منجزاتنا الثقافية المتراكمة في معارض الكتب والمؤسسات والمعاهد الرسمية والأهلية وسلسلة الإصدارات الثقافية والفكرية والفنية المتميزة– مع استبعاد مقص الرقيب من المشهد– لوجدنا أننا لا نحتاج أكثر من الخطوة الأولى حتى نحقق ربيعا ثقافيا ناجحا، نحن أحوج ما نكون إليه في مرحلة الجفاف الثقافي الذي نعيشه منذ فترة.

في الختام أتمنى تحقيق هذه الفكرة بنجاح في الكويت قبل أن أجدها قائمة بلمح البصر في إحدى الدول المجاورة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

إبراهيم المليفي

كاتب ومحرر في مجلة العربي الثقافية منذ 1999 وصاحب زاوية الأغلبية الصامتة بجريدة الجريدة منذ 2010

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *