د.فيصل المناور

فرصة

يمر قطار الزمن بلا توقف، وكل يوم يمر هو من أعمارنا المتناقصة، والصفحة عندما تطوى لا تعود. أربعة وعشرين ساعة تمر على البشر يوميا بكل عدالة لا تفرق بين جنس أو لون أو دولة، لكن الفرق الحقيقي أن البعض يعتبرها فرصة والبعض الآخر يعتبرها يوما عابرا والسلام.

مع إشراقة شمس ينطلق سباق التنافس في جميع الأرجاء، فالدول تتنافس والشركات تتنافس والأفراد يتنافسون والكل يعشق بأن يكون صاحب السبق والفائز بالسباق.

تساءلت ما الذي يصنع الفرق الشاسع بين الدول وبين الأفراد.. البعض في القمة والبعض الآخر في القاع، والبعض خارج الخريطة أصلا!.. توزع الأرزاق في البكور وتحل البركة لكنها لا تأتي لمن يطلقون الأماني من أسرة نومهم أو يلهثون بالدعاء وهم لا يفعلون الأسباب! يصنع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الفرصة لصحابي حين اشترى له فأسا وقال «اذهب فاحتطب» ليعود بعدها غنيا عن سؤال الناس، ويسأل أبا أمامة مستنكرا «مالي أراك في المسجد في غير وقت صلاة يا أبا أمامة» والرسالة أخرج وأصنع فرصتك، ما يميز اليابان عن السودان، أن اليابان استغلت أسطح المباني لصغر مساحة الدولة للكثير من المشاريع الزراعية، بينما تجتمع في السودان أخصب تربة في العالم ونهر النيل ويعاني من يعاني من المجاعة والفقر، السر في إدارة الفرصة، بينما الإنسان هو الإنسان.البعض أمام الفرصة أعمى لا يرى، والبعض بليد لا يتحرك، والثالث هو القناص الذي يتمتع بعين الصقر الناظر للأفق العالي والبعيد، من نواميس الكون بأن الناس تتفاوت بالمراتب والمنازل، فتتفاوت الهمم والرغبات والطموحات والقدرات، وأيضا يتفاوت الناس حسب تعاملهم مع فرص الحياة.

القرآن الكريم يجاوب السؤال (لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) وهذا يجعل منا نلبس نظارة اكتشاف الفرص أو صناعتها أحيانا، يمر علينا أسماء كتب تقارير معلومات وغيرها، فهل فكرنا أن نفتش عن الفرص بين كل هذا الزخم، الموارد الطبيعية والبترول فرصة كبيرة لبناء اقتصاد عظيم وتنمية مستدامة وحضارة مؤثرة، لكنها موارد نابضة لا تدوم، فهل فكرنا في أثر تفريطنا بهذه الفرص التي لا تعود.

تأتي الفرصة متنكرة في ثوب أزمة أو تحدي وتقدح أحيانا عبر فكرة إبداعية خلاقة تلهمنا جميعا وتصنع الفرق.
الفرصة تطرق أبواب الجميع لكن البعض يكون مستعد لاستقبالها، والبعض لا يكون كذلك، والفرصة هنا لا تموت بل تذهب إلى المبادر والمتأهب، تخيل معي الفرص التي حولت النفايات المنسية إلى ثروة بعد اعادة التدوير، وذلك الطفل الفقير المكافح الذي يسترق الدقائق ويصنع فرصته ليكمل تعليمة من على منصة بسطته الصغيرة، وتدبر معي ذلك العالم الأعمى (فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز) الذي جعل الإيمان والعلم فرصته لينال النور والبصيرة.

حياتك الآن فرصة حرم منها الكثير من هم تحت الثرى بلا فرصة للعودة للحياة ومعاودة الركض في الميدان.

عندما أمشي بين القبور أسأل نفسي سؤال ينبع من الأعماق، ماذا لو خرج الأموات وأعطوا أربعة وعشرين ساعة التي تأخذها كل يوم بمنتهى الأريحية؟ بالتأكيد ستكون أعظم فرصة. خلقت لتعمل لا لتتمنى.
كلمات مقتبسة من البرنامج التنموي «نافس»

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

د.فيصل المناور

دكتوراه السياسات العامة – ماجستير إدارة الأزمات – بكالريوس العلوم السياسية والإدارة العامة
twitter: @FaisalAlMonawer

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *