باسل الجاسر

بعد الكوارث رضخت إيران

أقرت جمهورية إيران الاسلامية الاتفاق مع مجموعة 5+1 وهي أميركا وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالاضافة الى ألمانيا، بعد ان قدمت إيران كل التطمينات التي تضمن للعالم عدم انحراف برنامجها النووي السلمي لإنتاج السلاح النووي، وكان في مقدمتها ان تتخلص من ثلاثة أرباع اليورانيوم الذي قامت بتخصيبه، وان تتخلص من معظم أجهزة الطرد المركزي التي كلفت خزينة إيران أموالا طائلة بسبب الحظر، فالذي كانت قيمته ألف دولار كلف إيران مائة ألف دولار، وبعد أن تنازلت عن جزء من السيادة الوطنية بأن أقرت بأحقية وكالة الطاقة الدولية في الزيارات التفتيشية المفاجئة في أي وقت تشاء، وأقرت بتحويل مفاعلاتها للأبحاث النووية والفيزيائية والإبقاء على واحد هو مفاعل اراك، على ان يتم تحويله للاعتماد على الماء الخفيف.

كل هذه التنازلات في مقابل رفع الحظر الاقتصادي عن إيران والذي استمر وتواصل لسنوات طويلة وأدى الى خسائر كارثية على الاقتصاد الإيراني، فقد حرمه من تطوير حقول النفط والغاز وإنتاج المشتقات وفي مقدمتها البنزين والديزل الذي كانت إيران تستورده طوال فترة الحظر بعد ان كانت تصدره قبل الحظر!

وحرمه من الاستفادة من استخدام التكنولوجيا المتطورة التي وصل اليها العالم.. والاهم ان الحظر حرم الاقتصاد الإيراني من بيع الجزء الاكبر من النفط عندما كانت أسعاره فوق 100 دولار.. وغيرها الكثير مما أدى الى انهيار قيمة العملة الإيرانية، وكل هذا حمل وزره الأكبر الشعب الإيراني، والمؤسف ان كل هذه الخسائر الكارثية كانت بسبب المكابرة والاعتزاز بالنفس الزائد على الحد، ولكنه انهار في لوزان بشكل مفاجئ خوفا من انتهاء المهلة الاخيرة التي تقرر انتهاؤها في 31 مارس 2015 فتنازلت إيران عما اشترته بأغلى الأثمان من يورانيوم مخصب وأجهزة طرد، وتنازلت عن جزء من سيادتها للتفتيش، وذهبت تضحيات الشعب والاقتصاد الوطني على مدى اكثر من عشر سنوات هباء منثورا، لتوقع على هذا الاتفاق الذي كان بالإمكان الوصول الى أفضل منه بشروط أفضل بكثير قبل عشر سنوات.. ولكن قاتل الله المكابرة، كم هي مكلفة.

ومع ذلك فإن الصلح خير ووقف شلال الخسائر على جميع الأصعدة قرار حكيم حتى وإن أتى متأخرا، ووقف شبح الحرب والتهديد الذي كانت إيران تحت وطأته قرار أكثر حكمة، وما ارجوه من الله أن تكون إيران أخذت قرارها بنية حسنة وليس من باب الكر والفر والمراوغة، فنعود لما كنا عليه.. فقد كتبت هنا في 3 فبراير 2008 وتحت عنوان «إيران اتقوا الله في أنفسكم وفينا» ومما قلته فيه ان الدول العظمى ومهما تباينت مواقفهم في معالجة هذا الملف الا أنهم متحدون على عدم السماح لإيران بامتلاك أو إنتاج السلاح النووي.. وهم يملكون العلم الذي لا يسمح لإيران بتضليلهم أو خداعهم.. وهذا ما أرجو الله ان يعيه الاخوة في إيران.. وأعيدها عليهم اليوم اتقوا الله في أنفسكم وفي جيرانكم.. فهل من مدّكر؟

 

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *