عبداللطيف الدعيج

إلغاء حق التجمع.. إلغاء للديموقراطية

لا اعتقد ان المحكمة الدستورية قد وفقت في حكمها الاخير، الذي جعل من حق التجمع أمرا للسلطة تقرر، متى شاءت، منعه او السماح به. ربْط حق التجمع بترخيص السلطات له يعني مباشرة رفض هذا الحق. لأن السلطة لن تسمح بالتأكيد بذلك، باعتبار ان التجمعات في الغالب هي لمناهضة السلطة ولتوجيه ادارتها للامور. طبعا لا نعترض من ناحية قانونية، فلسنا باختصاص او معرفة وخبرة السادة مستشاري المحكمة الدستورية. لكن من الضروري الاشارة الى ان المحكمة الدستورية بتشكيلها الحالي تفتقر الى وجهة النظر السياسية، وهي وجهة النظر التي حرص الدستور على ان تكون حاضرة في تشكيل المحكمة. لهذا نحن نعرض وجهة نظرنا المخالفة للحكم القانوني والدستوري الذي اصدرته المحكمة الدستورية، باعتباره الرأي او وجهة النظر التي كانت غائبة عن المحكمة.
حكم المحكمة بني اساسا على ما يبدو على قضية واحدة.. وهي حفظ الامن والاستقرار والمصالح العامة التي يهددها في العادة التجمع او التظاهر.
لا نختلف هنا مع المحكمة الموقرة. لكن لنتساءل بمسؤولية عمن يتحمل وزر هذه الاضرار ان حصلت. هل هم المتجمعون والمتظاهرون ام من «اجبرهم» على ذلك. لم يتداعوا للتجمع عبثا او بلا عذر او دافع مشروع. تجمعوا ليستردوا حقا ربما اغتصب، او لتصحيح وضع قد يكون خطأ. ان تقدير المصلحة العامة دقيق جدا هنا. فقد يؤدي التجمع والتظاهر الى إحداث اضرار بالمصلحة العامة، ليس لدينا اي شك في ذلك، لكن في المقابل قد يؤدي الرضوخ للامر الواقع وتقبل الوضع، قد يؤدي الى اضرار اشد واكبر.
ان حكم المحكمة الدستورية بربط التجمعات بالترخيص الحكومي هو حكم «محافظ» مئة بالمئة. والمحافظة تناقض ليس مع الدستور فقط، بل مع المبادئ الاساسية للنظام الديموقراطي الذي اخذت به الكويت وفقا للمادة السادسة من الدستور. فالديموقراطية تعددية والديموقراطية تداول للسلطة والديموقراطية تعبير عن الرأي. والمحكمة، بحجة الحفاظ على الامن واستقرار واستمرار السكينة، ألغت امكانات التعددية حيث لا مجال لعرض وجهة النظر الجديدة في ظل هيمنة وسيطرة وجهة النظر الحاكمة او السائدة. وليس في الامكان تغيير الحكومة او تداول السلطة في ظل الدعم والتفويض الازلي الذي منحته المحكمة للسلطة او الحكومة في حالة تغلبها.
احيانا نتجرع المر من الدواء كي نشفي الجسم، او نكوي او نبتر جزءا كي نحفظ الكل. وآثار التجمع او التظاهر، التي تخوفت منها المحكمة، قد تكون في النهاية هي الدواء الصعب الذي يحقق المصلحة العامة، ويضمن السكينة التي كانت نصب عين المحكمة وهي تنظر في القضية.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *