عبداللطيف الدعيج

الحرية لهم.. لصاحبهم وبس

حرية الرأي والتعبير تعاني الامرين هنا، الاول من السلطات العامة، والاشد مرارة من الحنظل من السلطات والقوى الاجتماعية ان جازت التسمية. ورغم هذا التكالب العنيد على حرية الرأي والتعبير، فإن هذا الحق الديموقراطي الاصيل، او في الواقع هذا المبدأ الديموقراطي الاساسي، لا يجد هنا مدافعا او مناصرا حقيقيا له.

هذه الايام تتنادى ما يسمى بالقوى السياسية، او هي في الواقع تنادت تحت مزاعم عديدة، في مقدمتها كما الادعاء الدفاع عن المسجونين من اصحاب الرأي. هي تماما هكذا الدعوة او الادعاء، الدفاع عن مساجين الرأي، وليس الدفاع عن الرأي نفسه. لا اسعى الى التشويش او البلبلة هنا، كما قد يبدو. لكن هناك فرقا كبيرا لدي، ووفق فهمي، بين الدفاع عن حرية الرأي وبين المطالبة بالافراج عن المسجون بسبب رأيه. لأن الامر ببساطة، لو قرأت الجملة السابقة كما هي.. قوانا السياسية تطالب بالافراج عن المسجونين، او مسلم البراك بالتحديد، ولكنها لا تطالب، وانا اتحدى ايا من الموقعين على بيانها ـ سواء ديموقراطيينا ووطنيينا المزيفين، او باقي قوى التخلف ــ اتحداها ان تطالب بـ«الافراج» عن حرية الرأي المختطفة بفعل قوانين المطبوعات الرجعية، التي سنتها الطغمة الرجعية ذاتها اثناء تعاونها مع السلطة.
المدافع عن حرية الرأي من المفروض ان يتناول الرأس، رأس الافعى ومكمن العلة، قانون المطبوعات وبقية قوانين الاعلام غير الدستورية. لكن قوانا السياسية جميعها هي من وافق في مجلس 2006 بالاجماع، اي الخمسين نائبا بلا استثناء، على قانون المطبوعات. طبعا بعضها ــ والمتصدر حاليا للنضال من اجل الافراج عن «سجناء الرأي» ــ هو من اصدر بعد ذلك قانون اعدام من يسيء الى الذات الالهية وبقية عقوبات من ينتقد او يشكك في معتقداته.
الدفاع عن حرية الرأي والتعبير، والانتصار للمبدأ الديموقراطي الاصيل يتطلبان الغاء قانون المطبوعات، وجميع القيود الرجعية التي شرعت لتقييد حرية الرأي والتعبير، هذا الالغاء، او في الواقع تحرير الفكر وإلغاء القيود المفروضة على الرأي والتعبير، يعني ان احدا لن يسجن او ان احدا لن يحاسب اصلا على رأيه او فكره.
مجاميع الردة، وجميع من اصدر البيان المندد بسجن من يسمونهم اصحاب الرأي، معنيون، كما اسلفت، باطلاق سراح اصحابهم، وليس بالدفاع الاصيل عن المبادئ الديموقراطية، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير، التي يجتهدون هم قبل غيرهم لكبتها وتقييدها.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *