فؤاد الهاشم

«عدت للشرق فوجدت.. الإخوان المسلمين»!

هل تذكرون ذلك الممثل السوداني – أو النوبي – صاحب الدم الخفيف والجملة الشهيرة والذي ظهر مع الزعيم «عادل إمام» في فيلم «الإرهاب والكباب» حين كان يردد طوال المشهد مقولة: «في أوروبا والدول المتقدمة.. بيعملوا كذا وما بيعملوش كذا؟!، أستعير منه هذه الجملة اليوم وأقول انه..«في أوروبا والدول المتقدمة» لايمكن أن نقرأ لافتة فوق سوق مركزي مكتوب عليها «سوبر ماركت.. الإيمان» أو تجد بقالة إسمها «بقالة الصلاح» أو تدخل إلى سينما إسمها «سينما لوقا»!،وبالطبع إذا احتجت لإصلاح ثقب في إطار سيارتك فإن من سيصلحها لايضع لافته على محله تقول «بنشرجي الشهيد»، وأيضا لاتوجد عندهم «جزارة – أو ملحمة – البركة» ولا مشتل زراعي إسمه «مشتل سدرة المنتهى لبيع الزهور».. وهلمجرا! الآن إلى العالم الإسلامي وأقرأ العجب العجاب! ستجد بقالة «الإيمان» وسينما «الفردوس» وبنشرجي «الشهيد» و ملحمة «أحد» ومطعم «الكرامات» بل وستجد شخص أسس بنكاً – أو مصرفاً – وأطلق عليه إسم.. «بنك التقوى»؟! هذا البنك – أو المصرف – له حكاية طريفة معي وكان ذلك في بدايات الشهور الأولى من بدء حياتي الصحافية في عام 1981، أي إن القصة عمرها الآن 34 عاماً بالتمام.. والكمال!

حتى نبدأ «الحزاية» صلوا على النبي المصطفي أولا، لنقول بعدها إن سكرتير التحرير – وكنت وقتها في جريدة الأنباء – وقبل حوالي شهر من إنتقالي منها لجريدة الوطن جاءني ضاحكاً وهو يحمل إعلاناً في يده ليطلعني عليه قائلاً: «وصلنا هذا الإعلان قبل نصف ساعة وهو بمساحة صفحة كاملة، وبالنظر لكونك من ألد أعداء المتأسلمين والمتاجرين بدين الله فقد قررت أن تكون أول من يطلع عليه ويستخرج منه فكرة لمقال.. الغد!! كان إعلاناً أرسله شخص «غير معروف في ذلك الوقت بالكويت» إسمه يوسف ندا يعلن فيه..«للعامة والخاصة ولكل العرب والمسلمين عن إنشاء بنك التقوى ومقره جزر .. الباهامس» ويعلن عن طرح «أسهم البنك وقبول الودائع والكفالات والحوالات» و..و..وكل ما هو آت!!
قدحت الفكرة في رأسي فسطرت له مقالاً – نشر في اليوم التالي – «غسلت فيه شراع يوسف ندا وبنكه وجزر بهاماساته»! ذلك الرجل الذي استغل كلمة «التقوى» بكل معانيها الجميلة التي عرفتها البشرية منذ عام «الفيل» ومولد المصطفى ليضعها فوق إسم مصرف مقره في جزر تمتلئ بكل أفاقي الأرض ولصوصها و..نصابيها!، كان للمقال ردود فعل عنيفة كشفت لنا عن شخصية ذلك الأفاق حين جاءتني إتصالات هاتفية «لم يكن الإنترنت قد ظهر بعد ولا حتى الفاكس أو النقال أو أيا من وسائل التواصل الاجتماعي» عرفنا أصحاب بعضها ممن يرتبطون بعلاقة مع جميعة الإصلاح الاجتماعي لسان حال جماعة الإخوان المسلمين.. والعياذ بالله!.
بعد ذلك بأسبوع، وصلتنا في الجريدة رسالة تهديد من ذلك المدعو «يوسف ندا» يهدد فيها باللجوء إلى القضاء ورفع شكوي ضدي وضد رئيس التحرير لأن «المقال مس كرامتي ونزاهتي»..حسب قوله!. لم أعرف ماذا جرى بعدها، إذ غادرت الجريدة إلى أخرى ومرت حوالي عشر سنوات حتى جاء تحرير الكويت وظهر إسم «يوسف ندا» الذي قال إنه «ذهب للقاء صدام حسين ومعه إخواني كويتي كلكم تعرفونه وصرح بمعارضته لقدوم قوات أميركية لقتال الجيش المسلم العراقي وكيف أن الرئيس صدام عرض على الإخواني الذي كان يرافقه تسلم حكم «الكويت»!
«يوسف ندا» – حاليا – هو وزير مالية التنظيم الدولي للإخوان يعيش حاليا في قصر منيع يقع في الأراضي الإيطالية الحدودية مع أجمل بقعة في الدنيا وهي مدينة «لوغانو» السويسرية، وكل ذلك من أموال..«الإسلام والمسلمين والزكاوات والصدقات والكفارات وعتق الرقاب مستغلين قوله تعالى «إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها» فلم ير منها الفقير والمسكين لادرهماً ولا ديناراً فشفطها.. «العاملين عليها» وحولها إلى بنوك وقصور وشركات وشهوة للحكم ابتدأت ولن تنتهي إلا.. بزوالهم!.
«أوروبا والدول المتقدمة» كما قال عنها الإمام المجدد رحمه الله «محمد عبده»: «ذهبت إليها فوجدت الإسلام ولم أجد..المسلمين، وعدت إلى بلاد الشرق فوجدت المسلمين ولم أجد..الإسلام»! ولو قدر لي تصحيح مقولة الإمام عبده لجعلتها كالتالي: «وعدت إلى بلاد الشرق فلم أجد الإسلام، بل وجدت.. الإخوان المسلمين»!

****

..آخر العمود:
..سأل رجل «عمرو بن قيس» عن حصاة المسجد «قد يجدها الإنسان في خفه أو ثوبه أو عمامته» فقال له: إرم بها بعيداً! فقال الرجل: زعموا إنها تصيح حتى ترد إلى.. المسجد! فقال عمرو بن قيس:«دعها تصيح حتى ينشق.. حلقها»! قال الرجل – مستغرباً – «هل لها.. حلق»؟ قال بن قيس: «فمن أين تصيح.. إذن»؟!

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *